كتاب الاراءمجتمع
الصحافة المواطنة: التحديات والرهانات

بقلم جلال دحموني
أصبح التطور الرقمي من أهم الوسائل التي تتيح المعلومة لكل فرد من أفراد المجتمع انطلاقا من هاتفه الذكي، حيث أضحت عملية تدفق المعلومات وتداولها في متناول مختلف شرائح المجتمع وفئاته العمرية والاجتماعية، في الوقت الذي أصبحت فيه مواقع التواصل الاجتماعي منصة لكل فرد من أفراد المجتمع للتعبير عن رأيه وأفكاره وتظلماته وثقافته وتوجهاته الفكرية والسياسية وتطلعاته من دون رقابة قبلية .
هذه الثورة الرقمية في التقدم التكنلوجي قربت مسافات التواصل بين الناس وأحدثت طفرة نوعية في تغيير العقليات وخلخلت القيم المجتمعية وكسرت جدار الصمت والطابوهات وهيمنت تأثيراتها على المجتمع الذي أصبح تحت مجهر ليس فقط أعضائه بل تحت عيون كل المجتمعات الأخرى.
فإلى عهد قريب كانت عملية التواصل شبه مستحيلة بين المواطن ودوائر صنع القرار، وهو الأمر الذي أصبح متاحا عبر وسائل التواصل الاجتماعي بفعل الثورة الرقمية التي اجتاحت كل بقاع العالم واستمالها كمنصة لتداول كل معطيات الحياة البشرية بين كافة الشعوب ،إذ صار بإمكان أي إنسان كيفما كانت عقيدته الفكرية وتوجهاتها الثقافية والسياسية قادرا على التواصل مع المجتمعات الأخرى ومسايرة تطورها ومواكبة أحداثها ووقائعها انطلاقا من مكان تواجده من التنقل أو السفر إلى عين المكان.
غير أن الملاحظ هو أنه بقدر ما أن هذه الثورة الرقمية حملت معها إيجابيات وقربت المسافات وسهلت عملية التواصل بين الناس وسهلت عملية التخزين المعلوماتي ويسرت سبل البحث العلمي وأعفت رجال الاقتصاد والتجار من تكاليف التنقل والبيروقراطية الإدارية والتحويلات المالية، فإنها بالقدر نفسها حملت معها سلبيات كثيرة تتمثل في إقدام أعداء الانسانية على استغلال منصات هذه المواقع الاجتماعية الرقمية عبر بث سمومها وأكاذيبها وتضليلاتها واستغلالها أيضا في بث الفتن والفوضى وعمليات النصب والاحتيال وممارسة رزمة كبيرة من الجرائم التي يصطلح عليها بالجرائم الالكترونية وكذلك منصة لتجنيد الافراد في منظمات إرهابية والمافيات السرية المتخصصة في المخدرات والتجارة في البشر وغيرها.
لذلك أصبح من اللازم على دوائر صنع القرار أن تستعين بخبراء الإعلاميات والبرمجة لخلق منصات رقمية قادرة على تعقّب نشطاء الجريمة الالكترونية وتحديد مواقعهم وتتبع أنشطتهم ومنعها من التداول على الشبكة العنكبوتية حتى لا يصل مفعولها إلى شبابنا وأطفالنا خصوصا وأن جميع أفراد المجتمع يتوفرون على هواتف ذكية يمكن أن تحولهم من ضحايا مفترضين إلى ضحايا حقيقيين، كما ينبغي على المؤسسات التعليمية أن تخصص برامج بيداغوجية يكون الهدف منها هو تلقين الناشئة حول كيفية التعامل مع المعلومات الرقمية وكيفية التمييز بين ما هو صالح وماهو غير صالح ..وهذا تحدي كبير يتطلب من الجميع المساهمة في مقاربته لأجل سد أبواب الفتن وطرائق الفساد المنبعث من السموم التضليلية وتوجيه الشباب توجيها ثقافيا وفكريا واجتماعيا يليق بخصوصياتهم على أساس قيم مجتمعهم وهوياتهم مع التأكيد على الانفتاح على باقي الثقافات الأخرى بطريقة صحيحة.
المدير العام لـ”فاربريس