أليس فيكم رجل رشيد؟

جلال الدحموني25 فبراير 2021
أليس فيكم رجل رشيد؟

فاربريس معاد اهليل

السياسة وما أدراك ما السياسة؟
كلمة تختزل المستقبل، وتختزن الآلام والأحلام، وصورتها النمطية في أذهان المواطنين في العصر الحديث، الهذيان والكذب، وادعاء برامج قوامها إقناع ذوي الأحلام البائسة، وملء عقول الفقراء بسراب تنمية ورقية عمودها: تشغيل، صحة، رفاه. لكن الحصيلة السياسية لا تعدو أن تكون أرصدة بنكية، نفوذا وسلطة، عقارات واستثمارات… فكيف تستطيع أن تقنعني وأنا المغبون والمصدوم، والحاقد المشحون بكل أنواع الكره للسياسة والسّاسة بأنك أيها الوجه الجديد لست إلا استمرارا للخداع والمكر السياسي الذي يُنسَج بخيوط عنكبوتية؟
تسائل الفرنسي فيقول خدعنا ماكرون بوجهه الشاب ذي النزعة الاقتصادية. وتسائل الأمريكي فيقول خدعنا ترامب بخبرته الاقتصادية. وتسائل المغربي فيقول خدعنا الخطاب الشعبوي بالوعود الكاذبة، واللعب على أوتار الإصلاح. فكيف تقنع الأستاذ الذي فُرض عليه التعاقد؟ وإطار الإدارة التربوية الذي تتملص الحكومة من تطبيق التزاماتها تجاهه؟ كيف تقنع المريض الذي سيرى الطبيب بعد سنة ليكشف عن دائه؟ كيف تقنع الحرفي الذي سئم انتظار هيكلة قطاعه؟ كيف تقنع البائع المتجول الذي سلبته السلطة المحلية وأعوانها بضاعته؟ كيف تقنع إطار الإدارة وموظف الجماعة الذي حرم الحق في الترقية بشهادات جامعية استنزفت عمره ووقته ورزقه؟ كيف تقنع من حرم حقه بحكم قضائي لم يراع القانون أو روحه؟ كيف وكيف وكيف؟
مهمتك صعبة أيها السياسي في زمن ما بعد كورونا، لقد عرّت الأزمة الكورونية سوءاتكم يا معشر السّاسة.
لكن ما السبيل؟
هل سيترك الشعب المغربي، ولاسيما شبابه، حال المشهد السياسي على ما كان عليه، أم أنهم سيبخّرون أحلام الاستبداد الذي يكتنز الذهب والفضة، لينفق فتاته على حملاته الانتخابية، ثم يستعيده من جديد بعد نجاحة أضعافا مضاعة؟
لماذا لا ينتزع الشباب دور قُطّاع الطرق من السّاسة الذين مافتئوا يلعبون دور قُطّاع طرق مسلسل التنمية، خدمة لمصالحهم، ويحمون حمى قوافل التنمية ويصفعون السّاسة على مؤخراتهم التي تضخمت على كراسي لم يغادروها لسنوات طويلة؟
ونحن على بعد خطوات قليلة من استحقاقات سيعيش أثرها الشعب المغربي خمس سنوات قادمة، نسمع أنين سخط الساخطين، ونقرأ شعارات المقاطعين، وندرك أن من الشعب من يرى موعد مسرحية تمثَّل كل خمس سنوات، فمنهم من يتهم الدولة ويقول إنها من يلعب دور المخرج وبالتالي فالممثل ليس له إلا أن يؤدي على الخشبة ما ألّفه المؤلف، وفق تصور المخرج. ومنهم من يرفع شعار إنها تخص ذوي الشكّارة، فما شاؤوه كان بشرائهم للذمم، وأقلهم تشاؤما من يظن أن المرشحين، مهما كان صلاحهم، سيفسُدون بعد حين بانخراطهم في اللعبة السياسية.
لكن، ومصداقا لقوله تعالى على لسان لوط”أليس منكم رجل رشيد”؟(سورة هود الآية78) ألم تستطع البطن المغربية المكويّة بنار الفقر والبؤس والحرمان، أن تلد وتربّي وتكوّن رُشداء، أو حتى رشيدا، يوقفون أو يوقف زحف الفساد السياسي. أظن فيما أظنه وأنا أتأمل الواقع المغربي والعربي والعالمي، أن نظرة التشاؤم تلف كيان المستقبل السياسي، لكن شعاع الأمل يبقى قائما وممكنا، وإن خافتا، في ظل التحولات التي سيعرفها العالم ما بعد الجائحة؛ لأن تحولات استراتيجية، دوليا إقليميا وطنيا، مهمة حدثت وستحدث، وقد عشنا بعضها في انتظار الآتي منها.
فما موقعك وموقفك أيها المغربي من كل هذا؟

الاخبار العاجلة