“ف ع”
بينما يرسخ المغرب رؤيته المتبصرة عبر مبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد وواقعي يقدم إبراهيم غالي إلى الأمم المتحدة مقترحا بلا مضمون ولا أفق يعكس ارتباك جبهة استنزفتها الأوهام وفقدت بوصلتها السياسية
في خضم التحولات الإقليمية والدولية التي تكرس الدبلوماسية المغربية كقوة توازن واستقرار أقدمت جبهة البوليساريو بقيادة إبراهيم غالي على توجيه ما سمته مقترحا موسعا إلى الأمين العام للأمم المتحدة غير أن الوثيقة المزعومة التي حاولت الجبهة تسويقها كمبادرة للحل جاءت فارغة من أي مضمون أو رؤية عملية لتكشف مجددا حالة الارتباك السياسي والعزلة الدبلوماسية التي تعيشها قيادة الجبهة
فالمجتمع الدولي بات اليوم أكثر وعيًا بأن الحديث عن تقرير المصير بصيغته الانفصالية أصبح من الماضي بعدما سحب رسميا من جدول المفاوضات في ضوء قرارات مجلس الأمن المتتالية التي أكدت أن الحل الواقعي والعملي والوحيد يتمثل في مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هذا المقترح الذي تقدمت به المملكة المغربية سنة 2007 أصبح محور الإجماع الدولي ومرجعية راسخة لكل مساعي الأمم المتحدة لإيجاد تسوية دائمة لهذا النزاع الإقليمي المفتعل
وفي المقابل تكشف مبادرة إبراهيم غالي الأخيرة عن عجز واضح في الرؤية وافتقاد لأي مضمون بنا إذ لم تقدم الجبهة أي تصور قابل للتطبيق أو منسجم مع قرارات الشرعية الدولية بل أعادت اجترار خطاب تجاوزه الواقع السياسي إنها محاولة يائسة لتغطية فشل متراكم في الميدان والدبلوماسية والإقناع ومحاولة أخيرة لإنعاش مشروع انتهى فعليا
في الوقت نفسه يواصل المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله المضي بثبات في تجسيد رؤيته الواقعية من خلال مبادرة الحكم الذاتي التي أضحت إطارا مرجعيا أمميا للحل السياسي وهي مبادرة تعبر عن حكمة المملكة المغربية وثقتها في شرعية مواقفها كما تترجم إرادة قوية لترسيخ الأمن والسلم والتنمية في الأقاليم الجنوبية حيث يعيش المواطنون في ظل الاستقرار والازدهار والانتماء الوطني الراسخ
لقد أصبح من الواضح أن ملف الصحراء المغربية حسم سياسيا وديبلوماسيا ولم يبق سوى استكمال بعض الجوانب التقنية لترسيخ هذا الواقع القانوني والعملي على مستوى المنظمات الدولية أما محاولات جبهة البوليساريو فليست سوى أصوات واهنة في فراغ سياسي متآكل تصدر عن قيادة فقدت القدرة على التأثير والإقناع