في لقاء نوعي نُظم بمبادرة من المملكة المغربية، شد الحضور في جنيف اليوم، الأربعاء، ناقوس الخطر حول التداعيات الخطيرة لتغير المناخ على أوضاع الأطفال عبر العالم، وبخاصة في الدول النامية. كان اللقاء الذي نظمته البعثة الدائمة للمغرب بجنيف جزءًا من الأنشطة الجانبية للدورة 54 لمجلس حقوق الإنسان، وقد أكّد على دور المغرب القوي كداعم لحقوق الطفل في المنظمات الدولية، واستمراره في تنفيذ التدابير والبرامج اللازمة لتحقيق هذه الحقوق.
تم خلال اللقاء استعراض الإجراءات التي اتخذها المملكة المغربية على الصعيدين الوطني والدولي لمكافحة التأثيرات الضارة لتغير المناخ على حقوق الأطفال، وذلك في إطار المخطط الوطني للمناخ 2020-2030، وأنشطة مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، التي تهدف في الأساس إلى زيادة الوعي حول التنمية المستدامة، بالإضافة إلى دور المرصد الوطني لحقوق الطفل في تسريع تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل.
شدد المشاركون في اللقاء، الذي ضم ممثلين عن بعثات دبلوماسية ووكالات أممية ومنظمات غير حكومية، على أهمية الجهود المشتركة لضمان حقوق الأطفال في بيئة صحية وآمنة ومستدامة. وتم تقديم مضامين التعليق العام الجديد رقم 26 للجنة حقوق الطفل، الذي يسلط الضوء على علاقة حقوق الطفل بالأزمة البيئية ويحدد التزامات الدول في هذا السياق، ويشجع على تبادل الخبرات وأفضل الممارسات.
فتغير المناخ يعتبر تحديًا كبيرًا في القرن الحادي والعشرين، إذ يؤثر بشكل كبير على مستقبل الكوكب وصحة البشر. وليس له تأثير فقط على الحق في البيئة الصحية والهواء النقي، بل يمتد ليشمل الحق في الغذاء والمياه النظيفة والتعليم والسكن. إن تغير المناخ يشكل تهديدًا حقيقيًا يترتب عليه انعدام الأمن الغذائي والفقر والأزمات الإنسانية والصراعات والحروب، مما يؤثر بشكل مباشر على صحة وعافية الأطفال.
ومن الجوانب الأخرى التي يجب مراعاتها، حسب المشاركين في اللقاء، هو أن تغير المناخ يزيد من تفاقم عدم المساواة الإقليمية، حيث تعاني البلدان النامية من نقص هياكل البنية التحتية والموارد الضرورية لمواجهة تحديات تغير المناخ، بما في ذلك الأمور المتعلقة بالغذاء والبيئة.
يذكر أن اتفاقية حقوق الطفل التي تم تبنيها في عام 1990 تؤكد على أهمية حماية حقوق الأطفال فيما يتعلق بالبيئة. وتنص المادة 24 من الاتفاقية على حق الأطفال في التمتع بأعلى مستوى من الصحة، بما في ذلك حقهم في الحصول على الغذاء ومياه الشرب النقية وحماية من الأمراض والتلوث.
تقارير منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن ملايين الأطفال يفقدون حياتهم كل عام بسبب أمراض مرتبطة بالبيئة، وهو ما نشرته منظمة الصحة العالمية في عام 2018. ووفقًا لتقرير اليونيسيف، فإن معظم الوفيات الناجمة عن تغير المناخ تحدث في البلدان النامية، وتشكل الأطفال 80% من هذه الوفيات. ويشير تقرير آخر إلى أن عدد الأطفال المتأثرين بالكوارث الناجمة عن تغير المناخ سيرتفع بشكل كبير في المستقبل، حيث من المتوقع أن يتأثر حوالي 175 مليون طفل خلال العقد المقبل.
إن تغير المناخ ليس مجرد تحدي بيئي، بل هو تحدي عالمي يتطلب جهودا مشتركة وحلولا فعّالة للحفاظ على حقوق الأطفال ومستقبلهم. يجب أن نعمل جميعاً كمجتمع دولي للتصدي لتغير المناخ والحفاظ على كوكبنا للأجيال القادمة وضمان حياة صحية وآمنة للأطفال في جميع أنحاء العالم.