سياسة

رأي في انتخابات اللجن الإدارية متساوية الأعضاء

ذ.عبد اللطيف قيلش

انتخابات اللجان الثنائية بقطاع التعليم : دلالة التقطيع : منذ إغلاق قوس 20 فبراير عادت الدولة الى ثوابت منطقها ، منطق مواصلة إعادة هيكلة الحقل السياسي والحزبي على ضوء مستجدات ومتغيرات العالم والمحيط الإقليمي والوضع الوطني .ثابت الدولة يكمن في الاخراج الأنسب للسيناريوهات المتطابقة مع متطلبات المرحلة .إعادة هيكلة الحقل السياسي والحزبي من وجهة نظر الدولة تتطلب التحديد المسبق لمساحات الخريطة السياسية ، والتحكم في طبيعة التحالفات السياسية ،ليظل الفاعلون السياسيون مباح لهم الوجود، ومسموح لهم التعبير دون مبتغى التأثير ولا مبتغى التغيير. فالفاعل الرئيسي في هذا المشهد دون منافس هي الدولة ، لايحق أيضا الاستقواء بصناديق الاقتراع . ومن تم أفرغت العملية الانتخابية من مدلولها الديموقراطي ، عبر كل حلقاتها ، سواء ما يتعلق بالتقطيع أو ما يتعلق بنمط الاقتراع ،أو ما يتعلق بفصل القرار السياسي والاقتصادي عن صناديق الاقتراع . إنها المفارقة التي ولدت لدى الرأي العام السؤال المشروع ، ماجدوى الانتخابات ؟ وما جدوى نتائجها ؟ فلا غرابة أن يكون جزء كبير من الصراع السياسي تاريخيا في ميدان النظام الانتخابي ،لان طبيعته لها آثارها على الحياة السياسية والحياة الحزبية (لعل كتابات الفقيه الدستوري موريس دو فيرجي ، وريمي لوفو صاحب كتاب ‘ الفلاح المغربي ، المدافع عن العرش ، مفيدة في هذا الشأن ). إن النظام الانتخابي ليس عملية تقنية وحسابية حتى وإن كان في ظاهره كذالك ، إنه عملية سياسية بامتياز ، وجواب على طبيعة النظام السياسي واختياراته في العلاقة بالديموقراطية والعلاقة بالأحزاب (ثنائية – تعددية -أحزاب صغرى -أحزاب كبرى…).إن الدولة لايمكن أن تعيد هيكلة الحقل السياسي والحزبي ،وتترك الحقل الاجتماعي والنقابي منفلتا وخارج منطق التحكم ، وهي الاستراتيجية التي يتم الاشتغال عليها باستحضار الصعوبات والتعقيدات نظرا لخصوصية هذا المجال . اليوم ، تبدو درجة الاشتغال أقوى ،والإيقاع مرتفع ، ومدخل الحقل النقابي قطاع التعليم ، القطاع الممانع تاريخيا كخزان تاريخي للأطر والمثقفين والنخب السياسية والنقابية والجمعوية ، والمرتبط بأحداث تاريخية ظلت موشومة في التاريخ المغربي . إن التقطيع الانتخابي الذي أقدمت عليه وزارة التربية الوطنية ويتعلق الأمر باعتبار أكبر جهة من حيث عدد الناخبين كدائرة واحدة عكس تقسيم 2015 حيث كانت الجهة تتكون من دائرتين ، في حين تم تقسيم بعض الجهات أقل من حيث الناخبين إلى دائرتين ، وإجراء انتخابات جهوية لفئة صغيرة عددها 903 (فئة الممونبن) لتمنح لها 30 مقعدا ، في الوقت الذي ستجرى فيه الانتخابات مركزيا بالنسبة لفئة المتصرفين التربويين وعددها تقريبا 6309 لتمنح لها 4 مقاعد ، ما هو الا حلقة من حلقات مسلسل إعادة الهيكلة ، وحلقة من حلقات ترتيبات مغرب مابعد انتخابات 2021. لا جدال في أن هذا التقطيع انطلاقا من الأمثلة الواردة مس صريح بمبدأ العدالة الانتخابية ، إلا أن كل نقاش تقني سيظل عاجزا عن الإمساك بخيوط مداخل الفهم والإدراك .ليس هروبا ولا ترفا كما يبدو للبعض إن تم التأكيد على أن المعضلة الاجتماعية علتها في السياسة ومخارجها في السياسة . آن الأوان لفهم أن النضال الفئوي ، والنزعة المطلبية المفصولة عن إطارها وأبعادها ، تشبه أسطورة سيزيف ، إن لم يوضع كل ذالك في إطاره العام . من الطبيعي ومن المشروع خوض الصراع المجتمعي بمختلف أبعاده عبر الأدوات النقابية وغيرها ، ولكن جوهر الصراع في الحقل السياسي، في قضية الديموقراطية . عبداللطيف قيلش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى