كورونا توجه ضربة قاصمة للذين دعوا إلى رفع الأيادي عن التعليم والصحة
بقلم/ محمد القاضي
في سنة 2009 كتبت مقال حول موضوع ” تسريبات وكيليكس”، والذي أكدت فيه ، أن هذه التسريبات هي أسطورة من الأساطير المخدومة من قبل القوى الخفية التي تتحكم في إدارة لعبة الأمم والشأن الدولي، وقلت أنها ستكون بمثابة حصان طروادة تمتطيه هذه القوى لإحداث زلازل بالوطن العربي، وحذرت منها… وقد وقعت مع مطلع سنة 2011 ( ما سمي بالربيع العربي).
وفي سنة 2011 كتبت عدة مقالات تحليلية حول ما يسمى ب”مقاربة النوع الاجتماعي”وخرجت باستنتاجات مفادها أن “مقاربة النوع الاجتماعي” تنطوي على مفاهيم غير بريئة وتعطي الانطباع بأن المرأة والشباب مهمشين وأن المقاربة جاءت لانتشالهم من هذا التهميش، كما أن إدماجها في الحياة السياسية، ملتبس وستكون له ارتدادات سلبية على القيم المجتمعية والتنمية وسيؤسس لثقافة الجشع وإفراغ روح المواطن من قيم المواطنة ومشاعر الإحساس بالانتماء الوطني، لكون أن مقاربة النوع الاجتماعي لعبت دورا أساسيا في إلغاء معايير الاستحقاق المبنية على الطاقات العلمية والمعرفية ومعايير الكفاءة، وحلت محلها معايير المحاصصة والكوطا، وهذا يجعلنا نتخيل أن الوطن أصبح عبارة عن بقرة حلوب ينبغي اقتسامها محاصصة بين الشباب والنساء والأصنام العجوزة، مما أعطى فرصة لهذه الأصنام لتقديم أبنائهم وزوجاتهم وخليلاتهم وأزواج أمهاتهم في صدارة اللوائح الانتخابية، أي أن الفعل السياسي الذي يقوم على خدمة الوطن تحول إلى فعل ريعي يدر الدخل على شرذمة من الأصنام والمتعفنين على حساب تطلعات الوطن والمواطن ومستقبلهما معا…. والنتيجة كما تعرفونها هي أن البرلمان أصبح محجا لأسر ريعية تبحث عن مصالحها وعن الاغتناء الفاحش ..
والصحيح هو أن المعيار الوحيد الذي يجب اعتماده في الحياة السياسية، هو معيار الكفاءة والإخلاص للوطن، بغض النظر من يكونوا الذين تتوفر فيهم هذه المعايير الاستحقاقية، سواء كانوا شباب أو نساء أو كهول أو شيوخ.
في سنتي 2015 و2016، كتبت الكثير من المقالات التحليلية حول جريمة بنكيران التي اقترفها في حق التعليم عندما قام بتنزيل المرسومين المشؤومين المتعلقين بفصل التكوين عن التعليم وتنزيل سقف منح طلبة المراكز الجهوية للتربية والتكوين من 2500 درهم إلى 1200 درهم، وقلت في حينه أكثر من مرة بأن سياسة بنكيران في مجال التعليم تؤسس لعهد الاسترقاق والمصير المجهول ( انقر على الرابط لتعرف تفاصيل مقال 2016).
وها نحن اليوم في ظل هذه الجائحة الكورونية التي بعثرت أوراق العالم وشلت حياته الاقتصادية وخلقت أنماط جديدة من الحياة وفرضت الحجر الصحي على كل شعوب العالم، وأثبتت أن مكافحة هذا الفيروس يحتاج أولا وأخيرا إلى أهل العلم والمعرفة والمختصين القادرين، لنخرج بقناعة راسخة وهي أن فيروس كوفيد 19 وجّه ضربة قاصمة إلى الموقف أو المواقف التي حاولت الحط من قيمة التعليم والصحة.
إن النموذج الذي تقدمه الصين في مكافحة هذا الفيروس يجد أساسه في قوة الدولة في مجال التقنيات المتقدمة والعلماء والخبراء الذين يلعبون اليوم دورا مهما في حماية أبناء الصين في الأوقات العصيبة كالتي نمر بها ، وهذا بالذّات ما يطمح كلّ شعب لأن يراه في دولته.
فكما يعلم الجميع أن فيروس كورونا أخاف البشرية ويخيفها وحجر نصف سكانها في بيوتهم ؟ فهل يمكن لنا أن يشكل هذا الفيروس جرس إنذار وحافز لتصحيح المسار لما فيه خير الناس جميعاً على هذا الكوكب؟ وهل يمكن لهذه المرحلة الصعبة التي نعيشها جميعاً اليوم أن تكون نافعة في كشف العثرات والمطبات التي أوصلت معظم سكان الأرض إلى مرحلة لا تُحمد عقباها، وهل يمكنها أن تعيد الاعتبار إلى المفكرين والخبراء والعلماء كي يرسموا خريطة طريق لمستقبل أفضل لا مكان فيه للعنصرية والاستغلال والهيمنة؟ كما اتّحد العالم للقضاء على العنصرية في جنوب أفريقيا ونجح؟
قد تكون هذه فرصة لتعاون دولي غير مسبوق يعود بالفائدة ليس على عالمنا فقط، وإنما على عالم الأبناء والأحفاد مستقبلاً.
الذين يهرطقون ل ” حرية الجسد” نتفهم خلفياتهم ونعرف أنها جزء لا يتجزأ من العمل التجاري لبعضهم، ولكن المتأمل في هذه السلوكات سيتخيل له أن عقول هؤلاء كلها مركزة نحو المنطقة السفلى لجسد الإنسان، وأن جماجمهم مملوءة بالنفايات والغازات السامة التي تخرج من هذه المنطقة…وكان يجدر بهم أن يدرسوا تاريخ أجدادهم وتحديدا قصة “قوم سدوم” لكي يتعضوا.
وماهي القيمة المضافة لهرطقة “حرية الجسد” المعادية للطبيعة ولوظائف فيزيولوجية الإنسان والمعادية لجميع الأديان السماوية، في هذه الأزمة؟
شكرا لجلالة الملك محمد السادس على نباهة ورجاحة قراره الاستباقي.
وشكرا للأطقم الطبية بمختلف درجاتها وتراتيبيتها.
وشكرا لرجال الأمن والدرك والسلطات المحلية على تجندهم ووقفتهم الشامخة في مواجهة هذا الوباء.
وشكرا لنساء ورجال التعليم.
والخزي والعار لكل مهرطق وخائن ودجال ولكل من يضمر الشر لهذا البلد الامين