سياسةكتاب الاراء

20 فبراير: حلم مغدور أم فكاك مستحق؟

فار بريس / محمد الصديقي

20 فبراير، الذاكرة، الحلم، الأمل… كلها تعبر عن حدث انطلق في لحظة من غفلة غير منتظرة، لم يسعف الوقت كل التنظيمات الرسمية وغير الرسمية لتنظيم فعلها لتشارك أو تعارض أو تنتظر أو تخاتل بما يجعلها تنتظر الرابح…، حدث فضح الاصطفافات، وكشف المناورات، وعرى الشعارات؛ قيادات تقدمت الحراك في إبانه، وتقدمت صفوف الامتيازات لحظة استغلال البعد الانتهازي الفردي، معتقلون، شهداء، منبوذون… نالوا حظهم من تصديق الأمل فباتوا في مؤخرة صفوف السذاجة العمياء.

لم يسعف الوقت كل الحركيين والمتفرجين والمتوجسين والمخططين لاقتطاف الفرص أن يستجمعوا شظايا تحليلهم للتموقع بما يناسب أيديولوجياتهم.
أمل شباب تشظَّى، وشعارات أحزاب تلونت بغبار الثكلى، وحلم بلد تأرجح بين الخوف من مصير مجهول وواقع أسود، الاختيار أصعب من الموت أحيانا، وأدهى من أن ترسم مصيرا تتأفف منه أجيال وأجيال، فاختار البعض الترامي في صف العدم، والبعض الآخر اقتناص فرص تقاسم مكرمات الوليمة الاضطرارية، والباقي التربيت على ثرواته التي لم يضطر إلى تقاسمها باسم استقرار الوطن.
في بلدنا “المفدى”، وحيث الفداء درس يقدم في صفوف المدرسة فقط، لم يكن الحلم سياسيا بنيويا كاملا، ولم يكن خطا جليا لتغيير نظام جثى على أوصال وطن مسجى على قلوب الشهداء، بل كان حلما رصينا بأنَّ “الشعب” لم يحلم بتغيير السلطة، وإنما بتغيير أسلوب ممارسة السلطة، فكانت السلطة أقوى من الشعب دهاء وتخطيطا وتدبيرا. لم تكن السلطة إلا سلطة على العقل والقلب، اشتغلت إعلاما ودهماء وفتاتا تفرق بين أيدي سبأ.
صدَّق من صدَّق، وكذَب من كذَب، وفاز من صدَّق الكذِب، وخسِر من كذَّب الصِّدق. وما الصِّدق إلا أنَّ الحراك يبدأ من العقل، من الفكر، من الحلم في يقظة العقل، من المؤسسة في قبضة شباب منظم فعلا وفكرا واقتناعا. لم يعد للحماس من موقع غير مبتدإ التأطير والتكوين، وإلا انقلب على نفسه بظهر المجن. هكذا لم نكن أبدا منذ شرارة الحركة الوطنية، وهكذا أصبحنا منذ صدَّقْنا كذبة الانعتاق خارج البوصلة التاريخية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى