الريع السياسي والجمعوي الى اين؟
فاربريس
عبد الرزاق الفلق
كثر الحديث في الآونة الأخير عن مصطلح “الريع” والذي يعني في اللغة العربية وخاصة معجم المعاني الجامع:”الرِيعُ في الاقتصاد السياسي هو الجزء الذي يؤديه المستأجر إلى المالك من غلة الأرض مقابل استغلال قواها الطبيعية التي لا تقبل الهلاك” وفي معجم الوسيط: “الريع الاقتصادي او ريع العقار هو العائد الذي يتحقق فيما لو تم تأجيره (ب)الأرباح فوق المستوى التنافسي وتعني بالانجليزية economic rent” وقد يعني “مسيل الوادي من كل مكان مرتع”وهي كلمة يمكن ان تحمل العديد من المعاني حسب المعاجم العربية ، عير انه أصبح لها في الوسط السوسيواجتماعي معنى أخري ،فنسمع الريع السياسي والثقافي والجمعوي، وهي تحمل معاني قد تتوافق او تختلف مع المعنى المعجمي لتصبح دلالتها الاسترزاق والسطو على ممتلكات الغير بدون موجب حق.
فيصير السياسي الذي يتمتع بالحصانة ـ البرلمانية والوزارية ـ يستغل نفوذه وسلطته ليستولي على مجموعة من الشركات والمادونيات ويخصصا لنفسه ودويه بحيث يصبح السيل المالي يصب في وديان خزائنه، وتغدوا الفئة التي صوتت عليه تعاني الويلات وتتمرغ في وحل الفقر والحاجة بينما يرفل هو في بحبوحة العيش .
وقد يتساءل البعض كيف ذلك لنقول: انظروا مقالع الرمال من يستغلها ومأدونيات النقل سواء البحري او البري ومن يتحكم بها لتبقى الفتات من نصيب ذلك الذي أعطى صوته طمعا في العيش الكريم .
فإذا كان هذا حال السياسة والسياسيين ، فان العمل الجمعوي لم يسلم من تلك تصرفات حتى أصبح البعض يتحدث عن الريع الجمعوي.هذا الأخير الذي أصبح عبارة عن عمل من لا عمل له ، بل أصبحت تصادف العديد من الجمعيات يتكون مكتبها من رب الأسرة وأقاربه، يتقاسمون المهام فيما بينهم ، ويعمدون الى أنشطة تذر الربح عليهم ناسين او متناسين ان العمل الجمعوي وكما أسس له القانون المنظم ، بأنه تطوي وغير ربحي.وهنا يطرح السؤال كيف يرخص لهؤلاء الذين هم من أسرة واحدة بان تأسس جمعية بهذا الشكل.
بل منهم من يعمد إلى استغلال كونه رئيس الجمعية او عضوا فيها يتصرف وكأنه أكثر من البرلماني والمرشح ـ العضو او المستشار ـ ليحقق كل ما يصبوا إليه، والأنكى من ذلك ان بعضهم يراكم هواتف المسؤولين ليعبث بها مع المواطنين وكأنه فوق القانون.
إن هذه الملاحظات التي رصدناها عن الريع الجمعوي ليس الا بعض مما حجب ، لنصل الى ما هو اخطر وأكثر تأثيرا على المجتمعات بحيث يثم استغلال الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة لجني الأرباح بعد ان يتم تصويرهم والبعث بصورهم الى بعض المنظمات الدولية لجمع التبرعات والتي لا تصل الى أصحابها اللهم تلك المتمثلة في الكراسي المتحركة وغيرها من المعدات التي تيسر على البعض منهم سهولة التنقل والتحرك.لكن المعضلة الكبرى حين تسمع وتطالعك الأخبار باعتقال رئيس جمعية لضلوعه في الجريمة المنظمة ،فهذا يستلزم مراجعة الوضع والتدقيق في التراخيص التي تمنح لراغبين في تأسيس الجمعيات ، ولعل ما أبانت عنه جائحة كورا من تلاعب بعض الرؤساء “بالقفة” التي كانت موجهة إلى الفقراء والمحتاجين لتجد نفسها في بيوت المترفين.
ان تضافر الجهود والعمل الجدي سيدفع بنا الى التقدم والرقي اذا ربطنا الواجب بالمسؤولية وان نضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه المتاجرة ببؤس الضعفاء حاجتهم .وان نعمد الى تأسيس خلايا تتابع كل التحركات وان تجعل الجمعيات تقدم جردا لحساباتها كل سنة وتبين مصدر الأموال التي تحصلت عليها وكيفية صرفها ، وبذلك يمكن اعتبارها جمعية مواطنة تخدم الصالح العام وتسير على خطى السياسة المولوية لصاحب الجلالة نصره الله والذي يفتح الاوراش الكبرى من اجل رقي وتطور وتقدم البلاد.
إننا لا نحكم جزما بان العمل الجمعوي كله منغمس في براثن الفساد ولكن هناك جمعيات رائدة تعمل في صمت وتخفي وتفك العزلة عن الناس وتخفف العبء عن المحتاجين دونما حاجة الى البهرجة والصور الفاضحة لبؤس الناس وحاجتهم مدركة ان العمل الجمعوي تطوع قبل كل شيء.