صادقت الحكومة المغربية، يوم الخميس 22 ماي 2025، على مشروع المرسوم رقم 2.25.386 المتعلق بتحديد كيفيات تطبيق العقوبات البديلة، في إطار تفعيل مقتضيات القانون رقم 43.22، الذي قدمه وزير العدل عبد اللطيف وهبي، ويهدف هذا النص القانوني إلى تعزيز فعالية العدالة الجنائية وتخفيف الضغط على المؤسسات السجنية، من خلال إقرار نظام بديل للعقوبات السالبة للحرية، يُراعي كرامة المحكوم عليهم في القضايا البسيطة، ويمنحهم فرصة للإصلاح والاندماج. يرتكز المرسوم على تفعيل مقتضيات المواد من 647-1 إلى 647-13 من قانون المسطرة الجنائية، وتُسند مهمة التتبع والتنفيذ إلى الإدارة العامة لإدارة السجون على المستويين المركزي والمحلي، كما أعد المجلس الأعلى للسلطة القضائية دليلاً تطبيقياً موجهاً للقضاة وباقي الفاعلين في منظومة العدالة، يحدد الشروط والمعايير ويُصنف أنواع العقوبات البديلة والجرائم المشمولة والمستثناة. ويؤكد الدليل الرسمي أن القانون المغربي يستثني بشكل صارم مجموعة من الجرائم المصنفة ضمن “الجرائم ذات الخطورة البالغة” من الاستفادة من نظام العقوبات البديلة، وهي: الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي والخارجي، جرائم الإرهاب، جرائم الرشوة واختلاس المال العام، بالإضافة إلى الجرائم المالية الدولية مثل غسل الأموال والاتجار الدولي في المخدرات، ويُستند في هذا الاستثناء إلى فلسفة القانون التي تقوم على الإصلاح في القضايا غير الخطيرة دون المساس بأمن الدولة أو النظام العام. أما بالنسبة لشروط تطبيق العقوبات البديلة، فيشترط القانون أن تكون الجريمة المرتكبة من صنف الجنح البسيطة التي لا تتجاوز عقوبتها خمس سنوات حبسا نافذاً، مع ضرورة أن يكون المتهم غير عائد، أي ليست له سوابق عدلية، كما يُلزم القاضي بأخذ عدة عوامل بعين الاعتبار، من بينها خطورة الفعل الإجرامي، والظروف الشخصية والاجتماعية للمحكوم عليه، ومدى قابليته للإصلاح، مع التنبيه إلى أن الإخلال بتنفيذ العقوبة البديلة يؤدي تلقائياً إلى الرجوع لتنفيذ العقوبة الأصلية. ويتضمن نظام العقوبات البديلة في المغرب أربع أنواع رئيسية وهي: العمل لأجل المنفعة العامة، ويشمل أداء ساعات لفائدة الدولة أو جمعيات النفع العام، من 40 إلى 3600 ساعة (كل 3 ساعات = يوم حبس)، المراقبة الإلكترونية عبر تقييد حركة المحكوم عليه باستخدام وسائل تقنية، تُحدد مدتها حسب تقدير القاضي، تقييد الحقوق أو فرض تدابير علاجية مثل الإقامة الجبرية أو المنع من ارتياد أماكن معينة أو العلاج الإجباري، بالإضافة إلى الغرامة اليومية التي تُفرض كبديل عن السجن بمبالغ تتراوح ما بين 100 إلى 2000 درهم يومياً. ويمثل هذا الإصلاح القانوني نقلة نوعية نحو عدالة أكثر نجاعة وإنسانية، تقوم على مبدأ الإدماج بدل العقاب، غير أن استثناء الجرائم الخطيرة يُبرز حرص المشرّع المغربي على تحقيق توازن دقيق بين الردع والإصلاح، وبين حماية الأمن العام وضمان كرامة الإنسان، ويبقى التحدي الأكبر اليوم هو ضمان التنزيل الأمثل لهذه العقوبات البديلة، مع مراقبة صارمة تضمن عدم الانحراف عن روح القانون ومقاصده في تعزيز الثقة في القضاء وصون أمن المجتمع.
العقوبات البديلة في المغرب: خطوة نحو عدالة أكثر إنسانية مع استثناء صارم للجرائم الخطيرة
