تحت شمس السودان الحارةوتحت ألم النزاع المستمر الذي يمتد لسبعة أشهر، يبدو أن النظام الصحي قد وصل إلى نقطة الانهيار. ممثل منظمة الصحة العالمية في الخرطوم، نعمة سعيد عابد، أطلق صرخة من القلب حول الوضع الكارثي الذي يواجهه الشعب السوداني. تعيش البلاد حالة من الفوضى والمأساة، حيث ترتفع معدلات النزوح والمرض، وتتراجع قدرة المستشفيات على تقديم الرعاية الصحية الضرورية.
النزاع الدائر في السودان أسفر عن فرار 5.9 مليون شخص من منازلهم، وهذا يمثل أكبر أزمة للنازحين داخليا في العالم. أكثر من 1.2 مليون منهم لجأوا إلى البلدان المجاورة، مما يجعل السودان بمثابة بؤرة نزوح هائلة. وحتى قبل النزاع الحالي، كان هناك أكثر من 3 ملايين نازح في البلاد، مما يجعل الأوضاع أكثر تعقيدًا وصعوبة.
المرافق الصحية في مناطق النزاع تعاني من التدمير والتلف، حيث أصبحت معظمها عاجزة عن تقديم الرعاية اللازمة للمصابين والمرضى. وفي المناطق التي لم تتأثر بشكل مباشر بالنزاع، يواجه المرضى اكتظاظًا كبيرًا، مما يجعل من الصعب الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية. على الإضافة إلى ذلك، يعيش العاملون في مجال الرعاية الصحية بمأزق حيث لم يحصلوا على رواتبهم منذ ما يقرب من سبعة أشهر.
لا يزال الهجوم على مرافق الرعاية الصحية مستمرًا، مما يؤدي إلى تدهور الوضع بشكل كبير. وفقًا لمعلومات منظمة الصحة العالمية، تم تسجيل 60 هجومًا على مرافق الرعاية الصحية منذ بداية النزاع، مما أدى إلى مقتل 34 شخصًا وإصابة 38 آخرين، وهذا يؤثر بشكل كبير على توفر الرعاية.
النزوح الجماعي أدى إلى حالة سوء تغذية واسعة النطاق، وتحتدم معركة الأطفال من أجل البقاء. الأمراض المعدية مثل الكوليرا والحصبة وحمى الضنك والملاريا تنتشر بسرعة في عدة مناطق، مما يزيد من معاناة الشعب. والأمر متعلق بأرواح الكثيرين، حيث يمكن أن تكون أي من هذه الأمراض قاتلة إذا مرت بشخص يعاني من سوء التغذية.
الكوليرا هي واحدة من أكثر الأمراض انتشارًا في السودان حاليًا، حيث تم تسجيل حالات في ثلاث ولايات مختلفة. تحذر منظمة الصحة العالمية من أن الكوليرا تنتشر بسرعة نتيجة لعدة عوامل مثل مياه الشرب غير الآمنة وسوء النظافة ونقص الخدمات الصحية. حتى الأسبوع الماضي، تم تسجيل نحو ألف حالة اشتباه بالكوليرا ونحو 72 حالة وفاة مرتبطة بها. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 3.1 مليون شخص معرضون لخطر الإصابة بالكوليرا حتى نهاية ديسمبر 2023.
إن واقع النظام الصحي في السودان يجب أن يكون قضية عالمية تستدعي تدخلًا فوريًا. يتعين على المجتمع الدولي العمل بسرعة لتوجيه المساعدة والدعم إلى السودان لمساعدة الشعب السوداني في هذا الوقت الصعب. إن تقديم الرعاية الصحية الأساسية وضمان سلامة المرافق الصحية يجب أن يكون في صلب الأولويات.
من المهم أن نتذكر أن وراء هذه الأرقام والإحصائيات هناك أرواح بشرية تعاني وتحتاج إلى مساعدتنا. يجب على العالم أن يقف متحدًا للتصدي لهذه الأزمة الإنسانية والعمل على إنقاذ حياة الكثيرين في السودان.