مخيمات تندوف ورقة ضغط أم قنبلة موقوتة تنفجر على العسكر …؟
“ف ع”
في ظل التوترات المتزايدة في شمال إفريقيا يجد النظام الجزائري نفسه أمام خيارات معقدة، حيث يستمر في انتهاج سياسة مواجهة سياسية مع المملكة المغربية، معتمدًا بشكل كبير على جبهة البوليساريو كأداة لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية. غير أن هذه السياسة تأتي بتكلفة إنسانية باهظة، حيث يعاني الآلاف من المحتجزين الصحراويين في مخيمات تندوف. أصبحت هذه المخيمات رمزًا للمأساة الإنسانية، وإطارًا للاستغلال السياسي حيث يعيش الصحراويون في ظروف قاسية تحت إشراف الجيش الجزائري وسط حالة من الاستغلال الأيديولوجي والمعيشي.
وتعتمد الجزائر في استراتيجيتها على مجموعة متنوعة من الوسائل لضمان ولاء البوليساريو أحد أبرزها هو الحصار والاحتجاز في المخيمات، مما يعزز من اعتماد سكان المخيمات الكامل على المساعدات الجزائرية تسعى الجزائر إلى تعزيز الشعارات المعادية للمغرب في صفوف المحتجزين محولة أحلام الاستقلال إلى أداة ضغط سياسي تستغل بها الجبهة يُصبح المحتجزون بذلك مرتبطين ارتباطًا وثيقًا بالنظام الجزائري لكنهم في حقيقة الأمر يعيشون في أوضاع تعتمد على وعود زائفة بالتحرر، مما يرسخ نفوذ الجبهة في اتجاه يخدم مصالح الجزائر فقط ويبدو أن النظام الجزائري يسعى بشكل متعمد إلى استنزاف ميليشيات البوليساريو من خلال إشراكها في مواجهات خاسرة يعلم النظام العسكري جيدا انها ستنتهي “بالتبندير” وهي في الحقيقة استراتيجية ينهجها العسكر خوفا من احتمالية تحول الجبهة إلى قوة يمكن أن تنقلب ضده في المستقبل. يكشف هذا النهج عن القلق المتزايد في الجزائر حيال إمكانية تحول البوليساريو إلى خصم غير متوقع، خاصةً في ظل تزايد التأييد الدولي لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل عملي ومستدام للنزاع المتعلق بالصحراء ومع تزايد الضغوط الدولية المؤيدة لمقترح الحكم الذاتي يجد النظام الجزائري نفسه في مفترق طرق معقد. فهو من جهة يحرص على استمرار استغلال جبهة البوليساريو كوسيلة ضغط ضد المغرب ومن جهة أخرى يشعر بالقلق من تبعات هذا الاستغلال على استقرار البلاد الداخلي ينطلق النقاش في الجزائر حول خيارين؛ الأول يتمثل في السماح لقادة البوليساريو، بالاستقرار في تندوف كمواطنين جزائريين بعد التسوية، والثاني يتعلق بالسعي للتخلص التدريجي من عناصر الجبهة حتى لا تتحول إلى عبء داخلي يهدد استقرار النظام.
وهنا نطرح سؤال جوهري هل سيبقى النظام الجزائري متمسكًا بسياسته الحالية تجاه جبهة البوليساريو وتندوف، أم سيُدرك أن التغيير الاستراتيجي بات ضروريًا مع الاتجاه نحو فرض حل الحكم الذاتي.؟ إن الإجابة عن هذا السؤال قد تحمل في طياتها تداعيات بعيدة المدى على الواقع السياسي في المنطقة، وتحدد مستقبل العلاقة بين الجزائر والمغرب إن الأوضاع الحالية تتطلب من النظام الجزائري إعادة التفكير في استراتيجياته ومراجعة مواقفه لمواجهة التحديات المتزايدة سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، وإذ استمر النظام العسكري في سياسته مع الجوار لن يجلب إلا مزيدًا من التعقيدات وقد يودي بوضع الجزائر إلى سيناريوهات غير متوقعة.