مصطفى فعراس
تواجه الحكومة الحالية تحديات جسيمة تتطلب رؤية متجددة ومسؤولية عالية في التعامل مع المواطنين، وضمان شفافية القرارات والمبادرات بما يخدم المصلحة العامة. في هذا السياق، يراقب الشباب والمواطنون الأداء الحكومي عن كثب ويقارنونه بالإنجازات الدولية، كما حدث مع الحكومة التركية في ملف إعمار المتضررين من الزلزال، حيث شعر الشباب بأن الدولة تقف إلى جانبهم، لا ضدهم، وهو نموذج يثير الطموح والإلهام.
ومع ذلك، لا تزال بعض المناطق المحلية تعيش مأساة حقيقية. ساكنة الحوز، على سبيل المثال، ينامون تحت سقوف بلاستيكية، ويستيقظون يوميًا من شدة الحرارة التي تفرزها خيامهم منذ أكثر من عامين، بينما ينتظرون توفير سكن لائق يليق بكرامتهم الإنسانية. هذه الصورة الصادمة تكشف عن فجوة بين الإنجازات الرمزية، مثل إنجاز ملعب الرباط في فترة قصيرة، وبين الاستجابة الفعلية للاحتياجات الملحة للمواطنين الأكثر هشاشة.
وفي مناطق أخرى، خرج سكان أيت بوكماز في احتجاجات سلمية للمطالبة بحقوقهم الأساسية، لكن الرد الحكومي لم يرقَ إلى مستوى التطلعات، إذ طُلب من السكان التوجه إلى الرباط، ما يعكس قصورًا في الاستجابة الفورية لمطالب المواطنين على المستوى المحلي ويطرح تساؤلات حول التوازن بين الإنجازات الكبرى والحقوق الأساسية للمواطنين.
أما على صعيد الخدمات الصحية، فقد شهد مستشفى الحسن الثاني بأكادير حادثة مأساوية أدت إلى وفاة ثماني نساء، وهو حدث لم يحظَ بالاهتمام الكافي من السلطات، رغم المطالب المتكررة بفتح تحقيق وضمان حقوق المواطنين في الصحة والتعليم، ما يبرز الحاجة الملحة لتعزيز آليات المسؤولية والرقابة في قطاعات الخدمات العمومية.
اليوم، المواطن يراقب، يقارن، ويطالب بالاعتراف بحقوقه، ويأمل أن تعكس السياسات الحكومية الانتباه الكامل لكل المناطق، بعيدًا عن أي تمييز. وفي هذا السياق، تُوجّه رسالة واضحة لأحزاب الأغلبية الحكومية: حان الوقت لمراجعة الأولويات، وتعزيز سياسات العدالة الاجتماعية، وتكريس روح المسؤولية تجاه كل فئات المجتمع، لضمان بناء الثقة، وتحقيق تنمية مستدامة، وكرامة حقيقية لكل مواطن..