تماشيًا مع المستجدات العلمية والبيولوجية الهادفة إلى صون الثروات البحرية، قررت السلطات المختصة منع صيد الحبار (السيبيا) جنوب سيدي الغازي خلال فترة الراحة البيولوجية للأخطبوط، في خطوة وقائية تهدف إلى الحفاظ على التوازن البيئي وضمان استدامة هذا المورد البحري الحيوي.
ويتركز وجود الحبار أساسًا في المنطقة الأطلسية المغربية، بين رأس بوجدور والرأس الأبيض، وخاصة بين خطي العرض 23° و25° شمالًا، على امتداد الساحل الممتد من طانطان إلى بوجدور. ويُصنف الحبار ككائن ساحلي يعيش في قيعان رملية وطينية، على أعماق تتراوح ما بين 20 و60 مترًا، وقد يصل أحيانًا إلى 200 متر.
ويمر هذا الكائن البحري بدورة حياة قصيرة نسبيًا، تتراوح ما بين سنة وسنتين، تتوج بعملية توالد وحيدة تسبق الموت. وتضع الإناث بيوضها خلال فصل الربيع، ما بين شهري مارس ويونيو، في المياه الساحلية الضحلة. وخلال هذه الفترة، يُلاحظ تجمّع كبير للحبار، مما يجعله عرضة أكثر لمجهودات الصيد، خصوصًا من طرف الصيادين الذين يستخدمون الأقدار الفخارية المخصصة لصيد الأخطبوط. وقد بيّنت تجارب ميدانية التصاق بيوض الحبار بهذه الأدوات، ما يدل على أنها فترة التبييض الطبيعية.
وتحذر المعطيات العلمية الحديثة من الاستغلال المفرط لمخزون الحبار، إذ ارتفعت كميات الصيد بنسبة 81% بين عامي 2022 و2023، ما دفع المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري إلى دق ناقوس الخطر، خاصة بعد تسجيل تراجع لافت في مؤشرات وفرة المخزون خلال سنتي 2023 و2024.
وخلال العقد الأخير، شكّل الحبار حوالي 35% من مجموع مصيد الرخويات في جنوب المملكة، محتلاً المرتبة الثانية بعد الأخطبوط. لكن الضغوط المتزايدة على صيده، خاصة خلال فترات التوالد، تنذر بعواقب بيئية تهدد توازن النظام البحري واستدامة هذا المورد على المدى الطويل.
وانطلاقًا من هذه المعطيات، جاء قرار منع صيد الحبار جنوب سيدي الغازي خلال فترة راحة الأخطبوط، بناءً على توصيات المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، الذي شدد على ضرورة اعتماد تدابير تحفظية لدعم تجدد المخزون البحري.
ومن المتوقع أن يُسهم هذا القرار في الحد من نسب نفوق الحبار أثناء مرحلة التوالد، بما يعزز فرص التفريخ الطبيعي ويضمن استمرارية الأجيال القادمة من هذا النوع. كما يُعد الإجراء خطوة أولى نحو إعداد خطة شاملة لتدبير جميع أنواع الرخويات، وفق منظور التنمية المستدامة والحكامة البيئية الرشيدة.
ويُجسد هذا القرار، في ظل التحديات المتنامية التي تواجه المصايد البحرية، وعيًا متقدمًا من قبل السلطات والفاعلين العلميين بأهمية حماية الثروات البحرية وضمان ديمومتها. كما يعكس رؤية متكاملة تقوم على تحقيق التوازن بين الأنشطة الاقتصادية والحفاظ على البيئة البحرية، باعتبارها إحدى ركائز التنمية الوطنية المستدامة.
إجراء بيولوجي لحماية الحبار قرار رسمي بمنع صيده جنوب سيدي الغازي

















