تبدأ اليوم في جنيف المرحلة الأخيرة من الجهود الحاسمة للتوصل إلى اتفاق تاريخي بشأن الاستعداد للجوائح، وذلك بمشاركة الدول الـ 194 الأعضاء في منظمة الصحة العالمية. ويُعدّ هذا الاتفاق بمثابة خطوة هائلة نحو ضمان صحة عالمية أفضل وأكثر أمانًا في المستقبل، حيث يهدف إلى تعزيز قدرات الدول على مواجهة التهديدات الصحية العالمية بشكل فعال ومنسق.وتُمثل هذه المفاوضات فرصة أخيرة للتوصل إلى اتفاق قبل اجتماع مجلس الصحة العالمية، المقرر عقده في نهاية شهر مايو المقبل. وتأتي هذه الجهود بعد جولة سابقة من المفاوضات في مطلع العام الجاري لم تكلل بالنجاح.وتعكس رغبة المجتمع الدولي القوية في عدم تكرار مآسي جائحة “كوفيد-19” التي هزت العالم بأسره. فقد أدركت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية الحاجة الماسة إلى تعزيز التعاون الدولي وتبادل المعلومات والخبرات، بما في ذلك ضمان الوصول العادل إلى اللقاحات والأدوية والعلاجات المنقذة للحياة في حالات الطوارئ الصحية.ويُشدد المدافعون عن الاتفاق على ضرورة إنشاء شبكة سلاسل إمداد عالمية تُدار من قبل منظمة الصحة العالمية، تضمن حصول جميع الدول على الأدوات الصحية اللازمة لمكافحة الجوائح دون قيود تجارية. كما يدعون إلى تخصيص جزء من إنتاج الأدوية واللقاحات للدول النامية مجانًا أو بتكلفة منخفضة، لضمان المساواة في الصحة للجميع.وتُعدّ قضايا مثل إلزام شركات الأدوية بمشاركة المعرفة وجعل جزء من إنتاجها متاحًا للبلدان الفقيرة من أكثر النقاط إثارة للجدل في هذه المفاوضات. ويُركز النقاش على كيفية تحقيق ذلك دون المساس بحقوق الملكية الفكرية لهذه الشركات وضمان استمرارها في الابتكار وتطوير علاجات جديدة وتُمثل هذه المفاوضات لحظة مفصلية في تاريخ الصحة العالمية. فالنجاح في التوصل إلى اتفاق ملزم سيمثل خطوة حاسمة نحو عالم أكثر قدرة على التصدي للأوبئة المستقبلية، وتعزيز الأمن الصحي العالمي بشكل عام. وتقع على عاتق الدول المشاركة في هذه الجولة الأخيرة من المفاوضات مسؤولية تاريخية لحماية الأرواح وصون صحة الأجيال القادمة.
