تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله
المنتدى البرلماني الدولي السادس للعدالة الاجتماعية
تحت شعار
“الحوار الاجتماعي ورهانات الدولة الاجتماعية”
الإثنيـن 21 فبراير 2022

جلال الدحموني21 فبراير 2022
تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره اللهالمنتدى البرلماني الدولي السادس للعدالة الاجتماعيةتحت شعار“الحوار الاجتماعي ورهانات الدولة الاجتماعية”الإثنيـن 21 فبراير 2022

البيان الختامي للمنتدى

إن المنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية الملتئم، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ونصره، يوم 21 فبراير 2022 بمقر مجلس المستشارين بالرباط، عاصمة المملكة المغربية، لتدارس موضوع “الحوار الاجتماعي ورهانات الدولة الاجتماعية”، يثني على مبادرة مجلس المستشارين والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، لاختيارهما الحوار الاجتماعي موضوعا للدراسة والتأمل، وهو اللقاء الثاني الذي يخصصه المجلس لهذا الموضوع. ولعل الظرفية الحالية التي تتميز بتداعيات جائحة كورونا وتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية الناتجة عنها تستوجب بالفعل التأكيد على أهمية الحوار الاجتماعي باعتباره آلية حضارية لتعزيز تماسك المجتمع المغربي وصموده في وجه الأزمات الاجتماعية وتدعيم بنيات الاقتصاد الوطني وتثمين السلم الاجتماعي. وبالفعل، فإن الخلاصات المتميزة الصادرة مؤخرا عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والعديــد مــن التجــارب الدولية والدراســات الميدانية، كما أكدت على ذلك الأوراق والمداخلات الغنية التي تدارسها المشاركات والمشاركون في أشغال هذا المنتدى، تجمع على أن الحــوار الاجتماعــي يسهم بشكل كبير في تحسـين الأداء الاقتصـادي للمقاولـة، ويساعد على إرسـاء روح العمل الجماعي وتطويـر ممارسـات مهنيـة جيـدة، وتحفيز الموارد البشرية وتعزيـز السلم الاجتماعي.
من جهة أخرى، فإن عزم السلطات العمومية على العمل مع مجموع القوى الحية للبلاد لتنزيل النموذج التنموي الجديد من شأنه، بكل تأكيد، أن يفتح آفاقا واعدة أمام المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء، للدفع بوتيرة النمو الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. بيد أن هذا التوجه يقتضي، بموازاة ذلك، دعم الحوار الاجتماعي ومأسسته وتعزيز آلياته وتجديدها وتنويعها وجعلها رافعة أساسية لبناء الدولة الاجتماعية على أسس توافقية وتعاقدية تراعي، من جهة، تطلعات المشغلين وحرصهم على تحقيق المردودية الاقتصادية والمالية للمقاولة، ومن جهة مقابلة، تأخذ بالحسبان انشغالات الطبقة العاملة بتحسين ظروف العمل وبتأمين احترام الحقوق والحريات التي تكفلها التشريعات المهنية والاجتماعية.
هذا، وبالنظر إلى الحصيلة التي راكمها الحوار الاجتماعي في المغرب، على مدى ثلاثة عقود من الزمن، والحاجة الملحة لاستثمار الدينامية الديمقراطية التي تشهدها البلاد تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، والتجديد الملحوظ للنخب السياسية والمهنية وطنيا وترابيا التي تمخضت عن الاستحقاقات الانتخابية، فإن المنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية في الوقت الذي يشدد على أهمية تعزيز مسلسل الحوار الاجتماعي ومأسسته وتجديده، يأبى إلا أن يساهم في صياغة مقترحات وحلول واقعية ومجدية، في شكل حزمة من التوصيات الإجرائية تروم في مجملها ضمان حضور فعال ومتواصل للحوار الاجتماعي، باعتباره عاملا محوريا في مسلسل التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها البلاد.
الحاجة الملحة لاعتماد منظور متقدم للحوار الاجتماعي لمواجهة رهانات الدولة الاجتماعية
إن المنتدى إذ يشيد بالتوجه المستقبلي للمغرب، المستند إلى إرادة ملكية متبصرة، لبناء صرح الدولة الاجتماعية، باعتباره خيارا استراتيجيا، يؤكد على مركزية الحوار الاجتماعي لتذليل الصعوبات والإكراهات التي قد تحول دون تحقق الهدف المنشود. ذلك أن الحوار الاجتماعي، في مدلوله المتعارف عليه دوليا، يعد بحق شرطا لا محيد عنه لبناء علاقات مهنية واجتماعية قوامها الحوار والتواصل ومراعاة المصالح المتوازنة، تحقيقا لمطلب العدالة الاجتماعية، الذي يعد الهدف الأسمى لتجسيد الدولة الاجتماعية.
ومن البديهي أن بلوغ هذه الغاية، في أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مسؤولية مشتركة تتقاسمها كل من الدولة بمنظومتها القانونية وهياكلها الإدارية، والهيئات المنتخبة بمستويها الوطني والمحلي، والشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين وفعاليات المجتمع المدني وقطاعات التنشئة الاجتماعية من تربية وتعليم وثقافة وإعلام، كل في مجال اختصاصه وتدخله.
غير أن تعدد المتدخلين لا يقلل في شيء من المسؤولية المركزية والمباشرة لأطراف الحوار الاجتماعي الثلاثي في تعبيد الطريق نحو بلورة علاقات اجتماعية متقدمة، متوازنة ومسؤولة. وهو الأمر الذي يدعو إلى اعتماد مقاربة منهجية فعالة وبديلة تقوم على تجديد دعائم وآليات الحوار الاجتماعي، باعتباره مدخلا أساسيا لتحقيق غاية بناء الدولة الاجتماعية في معانيها السامية والإنسانية.
ويقوم هذا التجديد بالأساس على تجاوز محددات العلاقة المهنية التقليدية المبنية على التوتر والصراع بين أطراف الحوار، والسعي بدل ذلك إلى إحلال علاقات مهنية مبنية على الثقة المتبادلة وعلى صراع الأفكار والمبادرات المتوازنة والخطاب المسؤول والبناء. وهو ما يستلزم ضرورة تشبع أطراف الحوار الاجتماعي، من نخب سياسية واقتصادية واجتماعية، بأخلاقيات تدبير الاختلاف والقبول بالتنازلات المتبادلة وبلورة حلول مبتكرة على قاعدة النفع المشترك، دعما للسلم الاجتماعي وحفاظا على القدرات الانتاجية والاقتصادية للنسيج المقاولاتي، من جهة، وعلى الحقوق والمصالح الحيوية للطبقة الشغيلة من جهة ثانية.
وفي هذا الصدد، يشدد المنتدى البرلماني السادس للعدالة الاجتماعية على أهمية إشراك قوى المجتمع المدني الحية، المشهود لها بديناميتها وكفاءتها ومساهمتها الفعالة في ملامسة قضايا الشغل وانتصابها كقوة اقتراحية في مجال إبداع الحلول الملائمة للحفاظ على توازن العلاقات المهنية ضمن منظور تساكن وتعايش ثنائية حقوق والتزامات أطراف الإنتاج، ومن جهة أخرى إغناء مضمون الحوار الاجتماعي بطرح مطالب جديدة للنقاش والتفاوض كإحدى تجليات تجديد مضامين الحوار الاجتماعي.
مقترحات عملية لتطوير حوار اجتماعي إرادي منفتح على الفعاليات المجتمعية ومنخرط في الانشغالات التنموية للبلاد
تروم هذه التوصيات ذات الصبغة الإجرائية والعملية إعطاء زخم قوي للحوار الاجتماعي من خلال تقديم مقترحات قد تساعد أطراف الحوار على تنويع مجالات اهتمامها وإغنائها، وذلك بالانصهار بشكل أوسع في الانشغالات التنموية للبلاد والمساهمة في ايجاد حلول ملائمة لها :
ترصيد أشغال ومخرجات الحوار الاجتماعي وتعزيز أسسه التنظيمية بواسطة إحداث مرصد للحوار الاجتماعي تكمن مهمته الرئيسية في تجميع البيانات والمعلومات المتعلقة بالحقل الاجتماعي وتتبعها وتحيينها وجعلها في متناول أطراف الحوار، وتخزين الوثائق المرجعية للحوار، ومسك المقررات والتوصيات الصادرة عنه وترتيبها، والعمل على التعريف بها لدى العموم، علاوة على اضطلاعه بدور اليقظة الاجتماعية، لاسيما فيما يتعلق بإخبار أطراف الحوار الاجتماعي بالممارسات الفضلى على الصعيد الدولي، في أفق أن يتحول المرصد المذكور إلى ذاكرة للحوار الاجتماعي في البلاد.
تنظيم منتديات دراسية موضوعاتية جهوية تحت إشراف أطراف الحوار الاجتماعي لاستكشاف الحلول والإجراءات العملية الممكنة للتخفيف من ظواهر التمييز المبني على النوع الاجتماعي في ميدان الشغل وتشغيل الأطفال والحث على توفير العمل اللائق للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وإدماجهم في المسلسل الانتاجي على صعيد المقاولة وعلى مستوى القطاعات الانتاجية.
إحداث آلية للتفكير في شكل مجموعة دراسية مشتركة بين أطراف الحوار وتكليفها بمهمة اقتراح حلول وترتيبات عملية تساعد على إدماج الاقتصاد غير المنظم في النسيج الاقتصادي الوطني في أفق انتشال فئات عريضة من الأجراء من براثن الفقر والهشاشة الاجتماعية، تعزيزا للسلم الاجتماعي.
إنجاز دراسة، تحت إشراف أطراف الحوار الاجتماعي، تروم استثمار الآثار الإيجابية لمظاهر التضامن والمناعة والصمود التي أبان عنها النسيج المقاولاتي الوطني والقطاعات الانتاجية المختلفة إبان أزمة كورونا، وإحصاء وتوثيق هذه المظاهر والتعريف بالممارسات الفضلى التي شهدتها هذه الحقبة.
اعتبارا للأهمية التي يكتسيها التكوين المشترك لممثلي الأجراء وممثلي أرباب العمل في تطوير ثقافة الحوار الاجتماعي على أسس من الثقة المتبادلة، يوصي المنتدى بإعداد، على المدى القصير، برنامج عملي للتكوين بأدوات وآليات ومصادر تمويل محددة. أما على المدى المتوسط، فعلى أطراف الحوار أن تعمل على إحداث معهد خاص بالتكوين في مجال الوساطة والحوار الاجتماعي يكون بمثابة آلية لتغذية الحوار الاجتماعي بشكل منتظم بالكفاءات والخبرات المطلوبة.
استثمار الطفرة التكنولوجية في مجال تطوير الحوار الاجتماعي من خلال تسخير الوسائل التكنولوجية الحديثة في مجالات التوعية والتحسيس والتواصل والتكوين والتكوين المستمر، وتقاسم المعلومات والمعطيات وتبادل الخبرات والتجارب الفضلى والرائدة في مجال استقرار العلاقات المهنية، خاصة بعد الوقوف على إيجابيات العمل والتواصل عن بعد الذي اعتمدته العديد من القطاعات خلال فترة الجائحة.
العمل على إشراك الجامعة ومراكز البحوث في إعداد أبحاث ودراسات تروم رصد تطور الحوار الاجتماعي، ثقافة ومنهجا وسلوكا، لدى الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والسياسيين.
إحداث جائزة “الشريك الاجتماعي والاقتصادي”، قصد تشجيع المبادرات والمقترحات الصادرة عن المنظمات المهنية والنقابية وكذا المقاولات والمشغلين، الرامية إلى تكريس الحوار الاجتماعي في جميع تجلياته، تجسيدا لقيم المواطنة.
تشكيل لجنة من الأطراف الرسمية للحوار الاجتماعي تنكب على دراسة المقترحات الواردة في البيان الختامي الصادر عن المنتدى البرلماني الدولي السادس للعدالة الاجتماعية، وتحديد سبل أجرأة التوصيات العملية المنبثقة عنه.

الاخبار العاجلة