مجتمع

الغدر آخر كلمة خطها بلفقيه بيده ليرحل وفي صدره كثير من عبد اللطيف وهبي

فار بريس

“أتأسف للغدر الذي صدر من جهة وضعت ثقتي فيها، هي آخر ما كتبه الراحل عبد الوهاب بلفقيه، منتصف شهر شتنبر 2021، بعد أن قام عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة بسحب تزكية ترشحه لرئاسة جهة كلميم واد نون، وهو الذي كان يتوفر على أغلبية مريحة.
الواقعة التي اعتزل فيها الراحل بلفقيه للعمل السياسي بصفة نهائية قال عنها أن الرأي العام سيعرف اعتباراتها الجميع، لكن يبدو أن المعني بالأمر فضل عدم الكشف عنها في الدنيا، #دارالفناء، ليحملها معه إلى الآخرة، #دارالبقاء..
العنوان العريض لما خطه الراحل بلفقيه هو “الغدر” وهل هناك أنذل من سلوك الغدر، خصوصا عندما قال انه صادر من جهة وضع ثقته فيها، دون أن يسميها، وهل يحتاج أصلا لتسميتها، فالوقائع كانت مكشوفة ومتسلسلة للرأي العام، غير أن ماخفي قد يكون أطم، ومن يعرف الرجل عن قرب، يدرك أنه كان لايبوح بأسراره، ويفضل كتمانها، حتى أن هؤلاء المقربين منه، تفاجأوا لما قرر اعتزال السياسة وتوثيقها بخط يده، وحديثه عن الغدر، مما يبين أن حالته النفسية كانت جد متدهورة، رغم أن المتتبع لمساره الحزبي، سيدرك أن  الرجل كان يتمتع بصلابة وقوة شخصيته، وهو ما برز من خلال عدد من الضربات التي تلقاها، كان يدير لها ظهره، ولكن طعنة سحب التزكية منه، جعلته يواجه قرار وهبي وجها لوجه، والله أعلم بما كان الاتفاق بينهما، عندما قرر بلفقيه تقديم استقالته من حزب الاتحاد الاشتراكي والترشح باسم حزب الأصالة والمعاصرة في اقتراع 8 شتنبر 2021، محافظا على كتلته الانتخابية في جهة هي باب الصحراء، متصدرا النتائج الجماعية والجهوية والبرلمانية.
رجحت #النيابة_العامة في بلاغها أن يكون بلفقيه قد أقدم على #الانتحار، تاركة الباب مفتوحا لتعميق البحث والتحقيق، ومن شأن تشريح الجثة، والاستعانة بخبرات الشرطة العلمية، معرفة حقيقة الوفاة، لقطع الشك باليقين، ويبقى الأكيد أن بلفقيه راح وراحت معه أسرار، أسرار يعلمها جيدا المحامي عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب “التراكتور” بعد أن تقاسمها معه في مكان ما ومنذ أشهر قبيل الإعلان الرسمي عن النزوح الجماعي لحزب “التراكتور”، وطبعا لكل توافق ثمن..
بين 1974 و2021، رأى عبد الوهاب بلفقيه النور ورحل، هو ينحدر من جماعة أيت عبد الله بسيدي إفني، ينتمي لقبيلة أيت باعمران، تلقى تعليمه البسيط، بالمنطقة، واشتغل مبكرا ليكون معيلا لأسرته المشهود لها بالكرم والعلم والشجاعة، وهو ما ورثه منها في حياته، مضيفا إليها المال والجاه، منذ صغره كان الطموح بين عينيه، مما جعل مساره المهني والحزبي والاجتماعي يترقى بشكل ملحوظ، حتى أصبح مرجعا في صنع الخريطة السياسية في جهة كلميم واد نون، مستعينا بعلاقاته المتشعبة أفقيا وعموديا، مهنيا وأسريا وقبليا، وما نتائجه الحزبية في الاستحقاقات الانتخابية إلا خير دليل، فالرتبة الأولى كانت من نصيبه، مهما كان لونه الحزبي، (الاتحاد الاشتراكي، الأصالة والمعاصرة).
مع ظهوره الكثير في جهة واد نون وتقلده مناصب رئاسة مجلسها البلدي، ثم مستشارا برلمانيا، وعضوا في مكتب مجلس المستشارين، وعضوا في المجلس الملكي الاستشاري لشؤون الصحراء، شغل الراحل أنصاره السياسيين وخصومه على حد سواء، مشكلا حالة استثنائية في علاقته مع جميع الفرقاء الحزبيين، من المستشارين الجماعيين إلى الوزراء في الحكومات المتعاقبة، ودخل أيضا في خصومات كثيرة مع وزراء وعمال وولاة، وإن لم يكن يخرج منها منتصرا، فهو لم يكن منهزما، لتبقى الأوضاع على ما هي عليه، مراهنا على حضوره الدائم في جهة كلميم واد نون، مما جعل حزب الاتحاد الاشتراكي يعول كثيرا على قوة الراحل بلفقيه  في صناعة المشهد الانتخابي بالأقاليم الصحراوية، والجميع يتذكر كيف تصدى لادريس لشكر، ضمن الرجة الحزبية قبل سنوات، ومع ذلك حافظ بلفقيه على ورقة “الوردة” ليقرر أسابيع قليلة قبيل اقتراع 8 شتنبر، مغادرة الحزب الذي كان عضو مكتبه السياسي، ويركب “جرارا” كان فأل شؤم عليه..
ارتبط اسم الراحل بلفقيه، بعدد من الملفات موضوع تحقيقات قضائية بشأن تدبيره الجماعي لبلدية كلميم، بالمقابل ربح عددا من الملفات في مواجهة خصومه.
وبهذا عاش بلفقيه 47 سنة، مثيرا للجدل في حياته ومماته..
رحمة الله عليه، وغفر الله لنا وله، ورزق أسرته الصغيرة الصبر والسلوان، وخصوصا والدته التي كانت تربطهما علاقة خاصة..
الثلاثاء 21 شتنبر 2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!