الرئيسيةمجتمع

أنشاهد بأسفي فيلم التطهير (La purge) أم هي حقا جرائم قتل حقيقية؟

معاد اهليل

لعل معظم قرّاءنا الكرام قد سبق لهم وشاهدوا الفيلم الأمريكي التطهير، وتدور أحداثه حول رغبة الحكومة الأمريكية في تطهير المجتمع الأمريكي من الجريمة، وذلك بإفساح المجال للمواطنين للتعبير عن نزعتهم العدوانية وممارسة كل أشكال العنف في وقت محدد، بحيث يكون قانون الغاب هو السائد. وبعد ليلة سوداء تدفن الجثت وتعود الحكومة إلى تطبيق القانون البشري.

فهل يا ترى هذا ما تسعى إليه الحكومة بأسفي، غير أنها لم تملك الجرأة للإعلان عن ذلك؟ أم لعل شوارع أسفي تشهد تمثيل فيلم “التطهير”، في نسخته المغربية؟

إن واقع انتشار الجريمة بأسفي، وبوثيرة سريعة جدا، يشي بأن هناك شيئا غير طبيعي. لاشك أن معظم الأذهان ستركز في إجاباتها على غياب الأمن، ونحن لا ننكر ذلك، لكن هل نحتاجه الآن بعد أن وقعت الفأس في الرأس ونكون بذلك منزّلين للقاعدة الفقهية”دعها حتى تقع”؛ لأن الفقهاء لا يفتون استباقيا بل حسب النوازل والأحوال، وبما أن الجرائم كثرت فالقاعدة تقول يجب حضور مسؤولي الأمن، وجلب الدعم من ربوع المملكة المغربية، وتشديد التدابير الأمنية. ومعلوم أن مقاربة كهذه ما هي إلا ترقيع، وليست حلا، وإنما الحلول الواجبة:

أولا- تجفيف منابع المخدرات والحبوب المهلوسة؛

ثانيا- معالجة المواطنين المدمنين شيبا وشبابا من آفة الإدمان على المخدرات، والتوصية بإنشاء مستشفيات طبية خاصة بذلك بأسفي؛

ثالثا- إعادة النظر في منظومة القيم المجتمعية، وتحديد أعطاب التنشئة الاجتماعية التي تغذّي النزعة الإجرامية بهذه المدينة؛

رابعا- تحرير المدينة من أيدي لوبيات الفساد، سواء كانوا منتخبين أو مسؤولين إداريين، حيث إن مظاهر الفساد جعلت أسفي مدينة بلا مستقبل، فالمواطن الذي يرى حقوقه مغتصبة، وكرامته منتهكة، يلجأ إلى قانون الغاب لينتزع حقه، ويعيد كرامته، ولو بإعدامه بعد ذلك؛

خامسا- توفير فرص شغل وتخليص الشباب من أزمة البطالة، لأن الأخيرة سبب مباشر في تنمية العداء المجتمعي، فالعاطل يرى شعوريا أو لاشعوريا في الآخر الذي يملك وظيفة أو عملا عدوا له، ولاسيما وهو يتمتع برفاه اجتماعي محروم هو منه بفعل فاعل يسيء تدبير قطاع التشغيل؛

سادسا- يجب تطبيق القانون بصرامة، فأولا على النيابة العامة أن توقف في الوقت الراهن مذكرة التساهل وعدم الاعتقال الاحتياطي، والاقتصار على استخلاص كفالات وتقديم المتهمين في حالة سراح، بل يجب تشديد الاعتقال ومضاعفته، إذ لا يعقل أن يرى الضحية من اعتدى عليه حرا طليقا. ثم على القضاء أن يطبق أقسى العقوبات على المجرمين، كما اشتهر القاضي اللحية بالجديدة، والذي كان رحمه الله سببا في ردع المجرمين ولو بجرائم خفيفة.

سابعا- يجب أن تكون السجون سجونا، وليست دور إيواء بخمس نجوم، فكثير من المجرمين صاروا يتحينون الفرصة للعودة إلى أسواره، لأنهم مقيمون يتمتعون داخله بما لا يتمتعون به خارج السجن.

ثامنا- توفير الموارد البشرية الكافية أمنيا، إذ يلاحظ أن كاهل رجال الأمن مثقل جدا، فزيادة على العمل اليومي بإجراء الأبحاث القضائية وإعداد المحاضر والتدخلات الأمنية، يقومون بديمومات متتالية، سواء في المخافر أو السدود القضائية، وهذا لاشك يحد من مردودية رجل الأمن. وعليه يجب توفير الموارد البشرية الكافية القارة، وليس الدعم المؤقت.

لقد حاولنا في هذا المقال أن نلامس بعض جوانب الذعر الإجرامي الذي بدأ يتملك المجتمع الأسفي، وكذا تشريح بعض الأعطاب التي ٱستقيناها من المعيش اليومي لساكنة أسفي، وٱقتراحنا حلولت قد تكون كفيلة بوضع حد للجريمة. ونختم بأن ما تعيشه أسفي من انحطاط وتردٍ، سببه الفساد الذي مد رجليه حسب تعبير السيد رئيس الحكومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!