في جلسة عمومية بمجلس النواب خصصت لمناقشة مشروع قانون المالية لعام 2025 تصاعد الجدل بين فرق الأغلبية والمعارضة ليكشف اختلافًا جوهريًا في الرؤى حول أولويات البلاد الاقتصادية والاجتماعية. بينما وصفت الأغلبية مشروع القانون بأنه يعكس التزامات الحكومة تجاه المشروع المجتمعي الكبير الذي أطلقه الملك محمد السادس، ركزت المعارضة على ما اعتبرته نهجًا محاسباتيًا صِرفًا منتقدة غياب البُعد الاجتماعي الكافي في السياسات المالية.
أكدت فرق الأغلبية أن المشروع يمثل خطوة حقيقية نحو تعزيز التضامن الاجتماعي حيث يضم تدابير لتقوية الحماية الاجتماعية، وتحفيز القدرة الشرائية عبر تخفيض الضرائب على الدخل، معتبرة هذه الإجراءات استجابة للتحديات الاقتصادية العالمية التي ألقت بظلالها على المملكة كما أشادت الأغلبية بتحقيق الحكومة نجاحات اقتصادية استراتيجية تمثلت في تقليص عجز الميزانية إلى 4% من الناتج المحلي، وتعزيز الموارد المالية والادخار الوطني الذي بلغ 670 مليار درهم مما ساهم في رفع التصنيف الائتماني للبلاد. ولفتت الأغلبية إلى الانتعاش الذي عرفته قطاعات السياحة والصادرات وتحويلات المغاربة بالخارج مما ساعد في زيادة احتياطي النقد الأجنبي إلى 400 مليار درهم في إشارة إلى استقرار الاقتصاد الوطني.
لكن على الجهة المقابلة، وجهت المعارضة انتقادات حادة للمشروع معتبرة أنه يستمر في تبني نهج ليبرالي يُعلي من شأن التوازنات المالية على حساب العدالة الاجتماعية، وأنه يتبنى مقاربة تقنية تفتقر إلى العمق السياسي ووفقًا للمعارضة فإن الحكومة أخفقت في الوفاء بتعهداتها بخصوص تحقيق نسب نمو مرتفعة الأمر الذي قلّص من قدرتها على توفير التمويل اللازم للمشاريع الاجتماعية الكبرى، مثل مشروع الحماية الاجتماعية وطالبت المعارضة بإصدار قانون خاص يؤطر التمويلات المبتكرة لضمان الشفافية، معتبرة أن ما تحقق من نمو في الإيرادات لا يوفر الهامش المالي الكافي لدعم مشاريع مستدامة.
ورغم الانتقادات أثنت المعارضة على بعض التدابير المتعلقة بالحوار الاجتماعي التي تضمنها المشروع خاصة مراجعة أشطر الضريبة على الدخل وزيادة الأجور لكنها وصفتها بغير الكافية، مشيرة إلى أنها لم تعوّض ارتفاع تكاليف المعيشة، ودعت إلى عدم التعامل مع هذه المكاسب بمنطق المقايضة مع الطبقة العاملة ويبدو أن مشروع قانون المالية لعام 2025 قد أظهر تباينًا عميقًا بين الأغلبية والمعارضة في مجلس النواب، حول كيفية تحقيق التوازن بين متطلبات النمو الاقتصادي والتحديات الاجتماعية الملحة، مما يطرح تساؤلات حول سبل معالجة هذا الصراع بين أرقام العجز وطموحات التنمية.