فار بريس/خالد ابراح
صحفي وطالب باحث في السوسيولوجيا، العنف كخطاب سائد لم يقتصر على عموم المواطنين، ما وقع باولاد جلول اقليم القنيطرة نموذجا، فقد انتقل إلى الطبقة السياسية والنخبة المثقفة، أصبحت المنابر الإعلامية ساحة لتبادل الشتائم وهتك الأعراض وحتى التهديد بالاستئصال بعيداً عن التحاور المعقول، والبحث عن مناقشة البرامج وإيجاد الحلول للمشاكل السياسية والاقتصادية. للأسف المجتمع أصبح مسرح كبير لكل المظاهر السلبية الضاربة لكل القيم النبيلة عرض الحائط، فلا صداقة أصبحت رمز للوفاء، ولا الحب ظل مدرسة العشاق، غلبت الانتهازية على طباع البشر، المصلحة الذاتية قبل تماسك المجموعة. البحث عن أسهل الطرق للنجاح بدون تعب أو اجتهاد وذلك لسيطرة الغزيرة على شخصية الفرد، وطمس لمعالم العقلانية في سلوكه الحياتي اليومي.

المصيبة الأكبر أن المدرسة الأولى والحاضن الأول للفرد عرفت تحطيم و تفكيك لها ألا وهي العائلة، فقد أصبحت في وقتنا الحالي فاقدة لكل أهلية ورمزية. صورة سيئة الإخراج للأسرة داخل المجتمع، تفكك مادي ومعنوي ساهمت فيه بصفة كبيرة التكنولوجيات الحديثة. كما شهدنا تحطم لصورة الأب التاريخية، فلم يعد الأب الشخص القوي والملهم لصغاره، بل قل احترامهم له وأصبح الأبناء خارج السيطرة الأبوية ليكون الشارع هو الحاضن والمربي وتكون دروس الرذيلة، الغش والانتهازية أولى الدروس التي يتلقاها الفرد لنحصل على نتيجة وخيمة وكارثية ويتحول قانون الغابة هو السائد، البقاء للأقوى وأي قوة، قوة تحطيم الأفضل، قوة تمجيد السارق والفاسد على حساب المتفوق والمثقف الذي أصبح بلا قيمة ولم يعد يحمل صفة النبوة. إنما الأمم أخلاق، إن ذهبت ذهبوا، يوم بعد يوم يزداد الوضع قتامة وبشاعة، وأصبحنا نعرف انقلاب قيمي وأخلاقي ساهم تدهور التعليم مساهمة فعالة للحالة الاجتماعية، بالإضافة لابتعاد الفرد عن المصادر التي تدعوه إلى الاستقامة وتحدد له سبل الرقي الفكري والأخلاقي. لكن للأسف كان للعولمة دور بارز في تحطيم الدين والفكر الفلسفي لصالح مناهج جديدة أصبحت تخاطب غريزة الفرد.