مغاربة العالم

إطلاق المنصة الرقمية “بلادي في قلبي”عناصر كلمة السيدة الوزيرة..

فار بريس

25 يناير 2021

تجسيدا للعناية الموصولة التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، للمواطنين المغاربة المقيمين بالخارج وتنفيذا لتوجيهاته السامية الواردة في العديد من الخطب والرسائل الداعية إلى النهوض بأوضاعهم وحماية حقوقهم والاهتمام بشؤونهم وكذا تمكينهم من المساهمة في تنمية بلدهم. وفي هذا السياق أذكر بمقتطف من الخطاب الملكي السامي بمناسبة ذكرى عيد العرش لسنة 2015 (30 يوليوز 2015)، حيث قال جلالة الملك: 

“…غير أن اهتمامنا بأوضاع المواطنين في الداخل لا يعادله إلا حرصنا على رعاية شؤون أبنائنا المقيمين بالخارج، وتوطيد تمسكهم بهويتهم، وتمكينهم من المساهمة في تنمية وطنهم…”

“…وبصفة عامة، يتعين تحسين التواصل والتعامل مع أفراد الجالية بالخارج، وتقريب الخدمات منهم، وتبسيط وتحديث المساطر، واحترام كرامتهم وصيانة حقوقهم…” انتهى كلام جلالة الملك.

وتنزيلا للمقتضيات الواردة في دستور المملكة، لاسيما الفصل 16 منه، جعلت الوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج من بين أولوياتها، في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية الموجهة لهذه الفئة من المواطنين، بلورة وتنفيذ مجموعة من البرامج المتجددة وعدد من المبادرات المبتكرة تصبو إلى المحافظة على الهوية الوطنية للمغاربة المقيمين بالخارج وتقوية التواصل معهم، وخاصة الأجيال الصاعدة، وحماية حقوقهم ومصالحهم، وتعزيز مساهمتهم في تنمية بلدهم المغرب، وفق مقاربة تشاركية ومندمجة ومستدامة.

وتهدف هذه البرامج إلى تحصين المنجزات وتطوير الأداء العمومي من أجل استيعاب التحولات الديمغرافية والسوسيو-مهنية والثقافية والاقتصادية العميقة التي عرفتها الجالية المغربية خلال السنوات الأخيرة، ومنها التوجه العام نحو الاستقرار والاندماج في مجتمعات الإقامة، وبروز كفاءات ذات خبرات عالية في مختلف المجالات، وظهور أجيال صاعدة لها طموحات جديدة، وبالتالي التجاوب مع تطلعاتها وانتظاراتها وإرساء أسس تواصل مستدام معها وخاصة الجيل الناشئ، وذلك باستعمال كل الوسائل المتاحة والمبتكرة وخاصة من خلال استثمار ما يتيحه التحول الرقمي من إمكانيات في هذا المجال.

إن الجيل الناشئ من المغاربة المقيمين بالخارج والذي صار يمثل نسبة كبيرة منهم، حيث أن عمر قرابة 70 بالمائة من المغاربة المقيمين بالخارج أقل من 45 سنة، أصبح في حاجة إلى آليات تواصل متطورة، وهو ما حفزنا إلى رفع تحدي ابتكار آليات جديدة تستجيب لتطلعاته، بهدف توثيق ارتباطه بوطنه الأصل وتعزيز انتمائه الى الهوية والحضارة المغربية الغنية وإثراء معارفه بما تزخر به الثقافة المغربية من تنوع وغنى حتى يتمكن من التصدي لمختلف التحديات المعاصرة التي تواجهه ببلدان الإقامة.

لقد سببت جائحة كورونا «كوفيد – 19» في عزل نسبة كبيرة من سكان العالم ومعها جزء كبير من مغاربة العالم ومنعهم من التواصل الإنساني المباشر مع الأهل والأصدقاء. وهو ما قد يستمر في الأمد القريب والمتوسط الى أن تتحسن مؤشرات الوضعية الوبائية عبر العالم. ولقد عوضت الوسائل الرقمية المتاحة والتي تم وضعها من طرف الوزارة ومختلف الوسائل، وكذا وسائل التواصل الاجتماعي الافتراضية هذا النقص وازداد بشكل كبير الاعتماد عليها كآلية لتوطيد أواصر اللحمة والتواصل بين مغاربة العالم وأسرهم ومواصلة ارتباطهم بوطنهم الام المغرب. 

ولقد أظهرت بعض المعطيات أن الوضعية الاستثنائية المرتبطة بهذه الجائحة وتداعياتها أدت إلى تقوية قيم التضامن ومشاعر الارتباط لدى المغاربة المقيمين بالخارج بوطنهم، فعلى سبيل المثال تم تسجيل ارتفاع نسبة تحويلاتهم المالية نحو المغرب بحوالي 4 بالمائة خلال السنة الماضية في الوقت الذي تأثرت فيه معظم المؤشرات الاقتصادية، كما تم تسجيل حضور هم المهم على وسائل التواصل الاجتماعي إما من خلال إنتاج المحتوى أو التفاعل مع مختلف الأحداث التي عرفتها المملكة خلال الفترة الأخيرة سواء فيما يخص ملف وحدتنا الترابية أو التعاطي مع تطورات الجائحة وتداعياتها.

ورغم أن فيروس كورونا فرض  التباعد الاجتماعي والحد من التنقل بين البلدان، فقد  حرصت الوزارة  على تنفيذ ومواصلة برامج متجددة  تهدف إلى  تعزيز  الروابط الإنسانية والثقافية، وذلك بتنفيذ مخطط رقمي لتقوية التواصل مع المغاربة المقيمين بالخارج، ورفع مستوى اليقظة لتلقي وتتبع ومعالجة شكاياتهم، وتيسير الولوج إلى بعض الخدمات الموجهة إليهم، وكذا تعبئة الكفاءات المغربية بالخارج لتعزيز مساهمتها في الأوراش التنموية الوطنية. 

وفي هذا الإطار، تطلق الوزارة المنتدبة المنصة الرقمية “بلادي فقلبي” وهي منصة لتعزيز التواصل مع المغاربة المقيمين بالخارج وفضاء للتعبير وتقديم الاقتراحات وتقاسم الأفكار والتجارب وتقوية الارتباط بالوطن.

وتهدف هذه المنصة إلى تقوية ارتباط مواطنينا المقيمين بالخارج ببلدهم الأصل وبثقافته وهويته وتاريخه، خاصة الأجيال الصاعدة، لاسيما خلال هذه الفترة الاستثنائية المرتبطة بجائحة كورونا. كما تهدف إلى تسليط الضوء على إنجازات ومبادرات الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج المتألقين والمتميزين في العديد من المجالات وبمختلف دول العالم.

وترمي هذه المنصة إلى تعزيز التواصل مع هذه الفئة من المواطنين وتبادل وتقاسم الاقتراحات والتجارب حول المواضيع التي تهم قضاياهم، وكذا تلك التي تهم بلادنا وتساهم في تعزيز إشعاعها على المستوى الجهوي والقاري والدولي. 

 وفي نفس السياق، ومن أجل تعزير حضورها في المجال الرقمي وبمختلف شبكات التواصل الاجتماعي، قامت الوزارة المنتدبة بتحديث موقعها الالكتروني الرسمي وإطلاق نسخة جديدة بثلاث لغات (العربية والفرنسية والانجليزية) لتلبية انتظارات المغاربة المقيمين بالخارج المتعلقة أساسا بتوفير المعلومات اللازمة وتسهيل الولوج إلى الخدمات المتوفرة، وخاصة في ظل تداعيات جائحة كوفيد 19 التي يعرفها العالم. 

ومن مستجدات هذا الموقع أنه يمكن زواره من التواصل المباشر مع الوزارة لتقديم طلبات المساعدة والمواكبة أو تقديم شكاية. كما تم إحداث آلية المواكبة الاجتماعية لفائدة المواطنات المغربيات المقيمات بالخارج والمتواجدات في وضعية هشاشة لتلقي طلباتهن ومعالجتها من خلال مواكبتهن وتقديم التوجيه والإرشاد لهن حسب الحالات ذات الصلة بالقضايا الاجتماعية والقانونية والإدارية ذات الصلة بالقانون المغربي، وذلك بتنسيق تام مع المراكز القنصلية والمؤسسات الوطنية ذات الصلة.

وفي سياق تعزيز التواصل الرقمي مع المغاربة المقيمين بالخارج وإيلاء أهمية قصوى لتلقي وتتبع ولمعالجة شكاياتهم، تم فتح فضاء خاص بالمغاربة المقيمين بالخارج على البوابة الوطنية للشكايات (chikaya.ma)، حيث تم إدراج فئة مستعمل جديد تحت اسم “مواطن مغربي مقيم بالخارج” بهذه البوابة، بتعاون مع وكالة التنمية الرقمية، والتي يمكن الولوج إليها عبر الموقع الجديد للوزارة. 

كما سيتم أيضا إحداث شباك رقمي موحد متعدد اللغات خاص بالمغاربة المقيمين بالخارج، يضم مختلف الروابط الإلكترونية لمختلف المنصات الرقمية للإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية التي تقدم خدمات عن بعد للمرتفقين بهدف تيسير وتسريع الولوج إلى هذه الخدمات، بالتعاون مع الوكالة السالفة الذكر، وذلك بقرار من السيد رئيس الحكومة الذي يترأس اللجنة الوزارة لشؤون المغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة والمنعقدة يوم 10 يوليوز 2020. 

إن الظروف الراهنة التي يعيشها العالم بسبب جائحة كورونا، والتي قيدت بسببها -مؤقتا- حركة تنقل المغاربة المقيمين بالخارج، حفزتنا على تسريع ورش الرقمنة، ورفع مستوى التواصل مع المواطنين المغاربة بالخارج عبر اعتماد كافة الآليات وعلى رأسها التواصل الرقمي الذي أضحى مكونا أساسيا في السياسة الوطنية الموجهة لمواطنينا بالخارج، حيث لم تمنعنا تداعيات هذه الجائحة من  مواصلة تنزيل برامج الوزارة المسطرة المتمثلة في تنظيم الجامعات الثقافية بصيغة افتراضية وأيضا عدد من المنتديات والأنشطة الخاصة بتعبئة الكفاءات المغربية بالخارج لتعزيز مساهمتها في الاوراش التنموية الوطنية.

كما شكل ورش الرقمنة وتجويد الخدمات إحدى أولويات الوزارة المنتدبة، والذي أكدت أهميته الأزمة الناتجة عن كوفيد. وفي هذا الإطار، انكبت الوزارة، بتنسيق مع المؤسسات الوطنية المعنية، على المواكبة الاجتماعية للمغاربة المقيمين بالخارج من خلال عدة مشاريع أهمها تجويد وتسريع وتقريب الخدمات الموجهة للمغاربة المقيمين بالخارج، عبر رقمنة هذه الخدمات وخاصة تلك المتعلقة بالخدمات القنصلية والمواكبة الاجتماعية وتلقي ومعالجة الشكايات.

وفي الختام، لا بد من الإشارة بأن المغرب يزخر بكفاءات، من النساء والرجال والشباب  في مختلف المجالات، مقيمة بالخارج، تسعى من أجل أن تقدم أفضل ما لديها من أجل المساهمة في تنمية وطنها الأصل المغرب، موازاة مع اندماجها الناجح في بلدان إقامتها، حيث يعتبر ذلك دليلا ملموسا على أنها تشكّل مصدر غنى فكري ورأسمال مادي ولا مادي دائم التجدُّد، له انعكاسات إيجابية متنوعة، سواء على مستوى الاستثمار ونقل التكنولوجيا أو على مستوى نشر الممارسات الفضلى والتجارب الناجحة والحكامة الجيدة، والإسهام في إشعاع المغرب بالخارج والدفاع عن قضاياه الاستراتيجية.

وفي هذا الإطار، فإن حصيلة الوزارة مشرفة فيما يخص تسريع تنفيذ ورش تعبئة الكفاءات المغربية بالخارج، في إطار مقاربة تشاركية مع القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية المعنية، حيث تم وضع إطار عمل حكومي لتعبئة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج عبر بلورة مشروع البرنامج الوطني لتعبئة الكفاءات المغربية بالخارج، والسهر على مأسسة عملية تعبئة الكفاءات داخل مجموعة من المؤسسات الوطنية (وزارات التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، ووزارة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي، ووزارة الصحة، ومكتب التكوین المھني وإنعاش الشغل، ومعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة، ومكتب تنمية التعاون) والشروع في تنزيل مشاريع ملموسة على أرض الواقع من خلال بلورة وتنفيذ برامج متجددة ومبادرات تشاركية بهدف استثمار أمثل للرأسمال البشري اللامادي والمادي المزدوج لهذه الفئة من المواطنين. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!