اقتصادالرئيسيةبلاحدود

إكراهات وتحديات المقاول الذاتي والمقاولات الصغرى

جلال دحموني / فاربريس

في المجتمعات التي تتوق إلى التقدم والازدهار والسعي إلى البحث عن الرفاهية لشعوبها، فإنها تنطلق من قاعدة “دعم الفاشل حتى ينجح ويصبح عنصرا منتجا داخل المجتمع“…

مناسبة هذا الكلام أستحضره للخوض في المأساة والإكراهات التي ترزح تحتها “المقاولات الصغرى” و”المقاولين الذاتيين”… والمقاولة الصغيرة سواء كانت اعتبارية أو ذاتية، فهي عبارة عن وحدة إنتاجية يُفترض أن العلة من وجودها هو الإسهام في خلق الثروة الوطنية وخلق فرص شغل للشباب التي ما أحوج بلادنا إليها، فهي من جهة تساهم في ضخ ضرائب سنوية وشهرية إلى خزينة الدولة وتساهم في امتصاص البطالة في أوساط الشباب وتخفيف عبء الشغل عن الدولة، فهي إذن شريك أساسي في بناء الاقتصاد الوطني وخلق الثروة الوطنية وشريك أساسي في تنمية النهضة الاجتماعية وخلق الارتياح.

غير أن هذا القطاع – أي قطاع المقاولات الصغرى والمقاولين الذاتيين- تأثر بشكل كارثي بسبب جائحة كورونا وعرف انتكاسة لم يسبق لها مثيل من قبل، إذ أن أغلب المقاولات الصغرى قامت بتسريح عمالها أو جزء منهم بسبب تأثر أنشطتها في ظل هذه الوضعية الوبائية، فيما المقاولون الذاتيون أغلبهم توقفوا عن أنشطتهم وأصبحوا في خانة العاطلين عن العمل بعدما كانوا يساهمون في خلق فرص شغل لآخرين.

التساؤل العريض الذي يفرض نفسه بقوة: لماذا لم تتدخل الحكومة ومؤسساتها الموازية لإنقاذ هذه المقاولات من مقصلة الإفلاس والنكوص التي تطالها؟ لماذا لا تتدخل مؤسسات الدولة والمجالس المنتخبة لدعمها ومساعدتها على تجاوز هذه الأزمة التي تعصف بها وبمستقبلها وبفرص الشغل التي توفرها؟ ولماذا تحرم الدولة خزينتها من ضرائب مهمة ستضخها هذه المقاولات في المستقبل القريب في خزينة الدولة؟

كيف يمكن لمقاولات ومقاولين ذاتيين توقفت أنشطتهم بسبب هذه الجائحة أن يجتازوا هذه الصعبة دون مساعدة الدولة لهم؟ ولماذا غابت قاعدة “دعم الفاشل حت ينجح” من قاموس السياسة الحكومية؟ في الوقت الذي تقوم فيه بتشتيت الأموال يمينا ويسارا  وبسخاء في مشاريع عقيمة وغير منتجة وأحيانا دعم الشركات الكبرى التي لها أرقام معاملات كبرى ؟

في المحصلة لابد من الإقرار أن حكومة سعد الدين العثماني فشلت فشلا ذريعا في تدبير الأزمة الصاعقة والعميقة التي يمر بها قطاع المقاولات الصغرى والمقاولين الذاتيين ، ونأمل من المجالس المنتخبة والمؤسسات الجهوية والإقليمية أن تلتفت إلى معانات هذا القطاع الذي يموت في صمت وتموت معه المئات من فرص شغل وتضيع معه مبالغ مالية ضخمة من خزينة الدولة في المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى