ضربة برلمانية إسبانية بشأن الصحراء الغربية خلال زيارة سانشيز للمغرب

جلال الدحموني8 أبريل 2022
ضربة برلمانية إسبانية بشأن الصحراء الغربية خلال زيارة سانشيز للمغرب

فار بريس


على وقع زيارة رئيس وزراء إسبانيا، بيدرو سانشيز، للمغرب، الخميس، ندد البرلمان الإسباني بتخلي الحكومة عن موقفها “التاريخي” المحايد حول النزاع في الصحراء الغربية، بعدما قررت تأييد مقترح المغرب منح المنطقة المتنازع عليها حكما ذاتيا، لتجاوز أزمة دبلوماسية مع الرباط.
واعتبر القرار الذي تبناه مجلس النواب أن تخلي إسبانيا عن حيادها “التاريخي” إزاء النزاع يفيد “عمليا دعم الطريق التي يقترحها المغرب، بالتخلي عن أساس حل سياسي مقبول لطرفي” النزاع.
ويعد هذا القرار، وفق فرانس برس، ضربة لسانشيز، الذي يعاني عزلة تامة بالبرلمان حول هذا الملف. وقد تم تبنيه في اليوم نفسه الذي يجري فيه زيارة إلى الرباط، بدعوة من الملك محمد السادس لتثبيت المصالحة بين البلدين، بعد أزمة دبلوماسية لنحو عام.
وباتت هذه المصالحة ممكنة بعدما أعلنت مدريد منتصف مارس تأييد خطة الحكم الذاتي المغربية، باعتبارها “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف” حول المستعمرة الإسبانية سابقا.
ويقترح المغرب منح المنطقة الصحراوية الشاسعة التي يسيطر على نحو 80 بالمئة من مساحتها، حكما ذاتيا تحت سيادته كحل وحيد النزاع. بينما تطالب جبهة بوليساريو، المدعومة من الجزائر المجاورة بإجراء استفتاء لتقرير المصير تحت إشراف الأمم المتحدة.
وفي حين رحبت الرباط بالموقف الإسباني الجديد معتبرة إياه نصرا دبلوماسيا “تاريخيا”، لقي انتقادات شديدة في إسبانيا.
واتهم قرار البرلمان الخميس “جزءا من الحكومة”، في إشارة إلى الحزب الاشتراكي الذي يقودها، بتعديل “موقفها من جانب واحد” حول الصحراء الغربية “بما يتناقض مع قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي”، بدون مناقشة ذلك مع البرلمانيين.
وأكد أن “البرلمان يدعم قرارات الأمم المتحدة وبعثتها لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو)”. وقد جاء بمبادرة من حزب بوديموس اليساري المشارك في حكومة سانشيز. وحظي أيضا بأصوات 168 نائبا من اليسار واليمين، مقابل 118 معترضا من نواب الحزب الاشتراكي، وامتناع 61 عن التصويت.
وأضاف “وحده الحوار والمفاوضات واتفاق يتم التوصل إليه بحسن نية وبطريقة بناءة، مطابقة للقانون الدولي، يمكن أن يساعد على التوصل إلى حل سياسي عادل واقعي مستدام، ومقبول من طرفي النزاع السياسي في الصحراء الغربية”.
ويدعو مجلس الأمن كلًا من المغرب وجبهة بوليساريو والجزائر وموريتانيا إلى استئناف المفاوضات المتوقفة منذ 2019، “بدون شروط مسبقة” من أجل “حل سياسي عادل ودائم ومقبول”.
وكان زعيم الحزب الشعبي المعارض (يمين)، ألبرتو نونييز فييخو، قال للصحافة عقب استقباله من طرف سانشيز السبت، “ما قامت به الحكومة غير مقبول سواء من حيث الشكل أو المضمون”، معتبرا أن الأخيرة “كسرت أربعين عاما من التوافق (…) لا يمكن تغيير السياسة التاريخية لإسبانيا من جانب واحد”.
ومن المقرر أن يعقد سانشيز، خلال زيارته للمغرب التي جاءت بدعوة من الملك محمد السادس، “مباحثات رسمية” مع العاهل المغربي، الي سيستضيفه حول مائدة إفطار تقام “على شرف ضيف جلالته الكريم”، في مؤشر الى أهمية الزيارة. وهو أول مسؤول أوروبي يستقبله العاهل المغربي رسميا منذ بدء جائحة كوفيد في 2020.
ويرافق رئيس الوزراء الإسباني وزير الخارجية، خوسيه مانويل ألباريس، الذي كان منتظرا أن يقوم بزيارة إلى المغرب الجمعة قبل أن يتقرر تأجيلها، ليكون استئناف علاقات البلدين على مستوى أعلى.
وجدد محمد السادس دعوته إلى “تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة في العلاقات بين البلدين”، وفق بيان صدر عن الديوان الملكي في 31مارس وأعلن دعوة سانشيز لزيارة المغرب.
وفي وقت لا يحظى الموقف الاسباني المؤيد للمغرب بالإجماع في مدريد، تحظى الزيارة بالترحيب في المغرب الذي اعتبر الموقف الإسباني الجديد انتصارا دبلوماسيا. ووصفت صحيفة الأحداث المغربية الخميس زيارة سانشيز إلى الرباط بأنها “تاريخية بعد موقف تاريخي”.
وتهدف هذه الزيارة إلى وضع “خارطة طريق طموحة تغطي جميع قطاعات الشراكة، وتشمل كل القضايا ذات الاهتمام المشترك”، بحسب بيان الديوان الملكي، على أن يغادر سانشيز صباح الجمعة.
ومن بين تلك القضايا العلاقات الاقتصادية بين المغرب وإسبانيا، الشريك التجاري الأول للمملكة. ويعتقد الباحث المتخصص في العلاقات المغربية الإسبانية، نبيل دريوش، أن “الملف الاقتصادي سيكون القاطرة التي تجر علاقات البلدين في هذه المرحلة الجديدة، التي تبدو جد واعدة”.
ويرتبط الجاران أيضا بملف محاربة الهجرة غير النظامية، إذ تريد مدريد أن تضمن “تعاون” الرباط في صد المهاجرين غير القانونين، الذين ينطلق معظمهم من المغرب، بينما يتهم عدة مراقبين المملكة باستعمال هذا الملف كورقة ضغط.
كما يرتقب أن تسرع عودة المياه إلى مجاريها بين البلدين فتح حدودهما لاستئناف نقل المسافرين، خصوصا في فترة العطلة الصيفية التي تشهد عبورا مكثفا للمهاجرين المغاربة المقيمين بأوروبا، وهي عملية استثنى منها المغرب الموانئ الاسبانية الصيف الماضي.
من القضايا المشتركة أيضا موضوع حركة تهريب البضائع من جيبي سبتة ومليلية، التي أوقفها المغرب في 2019. وكذا ترسيم الحدود البحرية.
مؤخرا أُضيف التعاون في مجال الطاقة إلى الملفات المشتركة بين البلدين، بعدما بات المغرب يعول على استيراد الغاز الطبيعي المسال عبر اسبانيا، إذ سمحت مدريد له باستيراد الغاز عبر خط الانابيب المغربي الأوروبي “جي إم إي” الذي كانت الجزائر تستخدمه لتصدير الغاز إلى أوروبا قبل أن تتوقف عن استخدامه في نهاية أكتوبر.
يتوقع مدير برنامج شمال إفريقيا في “مجموعة الأزمات الدولية”، ريكاردو فابياني، وفق فرانس برس، أن لا يحدث الموقف الإسباني الجديد “تغييرا في الحال، لكن على المدى البعيد سيصير هامش خيار استقلال (الصحراء الغربية) ضيقا أكثر فأكثر”.
رغم أن سانشيز نفى حدوث أي “انقلاب” في موقف بلاده إزاء هذا الملف، إلا أنه أثار غضب حلفائه اليساريين في الائتلاف الحكومي والمعارضة اليمينية، فضلا عن جبهة بوليساريو والجزائر.
وأنهى هذا التحول أزمة دبلوماسية حادة منذ عام بين الرباط ومدريد، اندلعت بسبب استضافة إسبانيا زعيم جبهة بوليساريو الغربية إبراهيم غالي لتلقي العلاج “لأسباب إنسانية”.
وأثار ذلك سخط الرباط، التي أكدت أنه دخل إسبانيا آتيا من الجزائر “بوثائق مزورة وهوية منتحلة”، وطالبت “بتحقيق شفاف”.
وتفاقمت الأزمة حينها مع تدفق نحو 10 آلاف مهاجر معظمهم مغاربة، وبينهم الكثير من القاصرين، على جيب سبتة الإسباني شمال المغرب، مستغلين تراخيا في مراقبة الحدود من الجانب المغربي.
وأدانت مدريد حينئذ “ابتزازا” و”اعتداء” من طرف الرباط، التي استدعت من جهتها سفيرتها في مدريد قبل أن تعود في 20 آذار/مارس.
وتأمل مدريد أيضا أن يؤدي موقفها الجديد حول الصحراء الغربية إلى تخلي الرباط عن مطالبها باسترجاع جيبي سبتة ومليلية الإسبانيين شمال المملكة، اللتين يعتبرهما المغاربة مدينتين محتلتين.

الاخبار العاجلة