مندوبية قدماء المقاومين والحاجة لتغيير عاجل

مندوبية قدماء المقاومين والحاجة لتغيير عاجل

فار بريس

تحولت المندوبية السامية لقدماء المقاومين من مؤسسة وطنية تم إنشاؤها لخدمة أسرة المقاومة والتحرير، لمؤسسة تحت تصرف شخصي لمندوبها السامي الاتحادي مصطفى لكثيري وبعيدا عن غاياتها وأهدافها المحددة في الظهير المنظم لاختصاصاتها، فالأخير جعل من المؤسسة متعهد حفلات ومهرجانات خطابية متكررة بالحرف في كل مناسبة وذكرى، حيث يحرص المندوب المذكور على عدم تفويت الفرصة أينما حل وارتحل لتسليط الأضواء على مؤسسته أملا في الاستمرار على قيد الحياة والمنصب لأطول فترة ممكنة.
ففي ظل إدارة مندوبها السامي المصطفى الكثيري والذي عمر لأزيد من عشرين سنة، أصبحت معه المؤسسة تعيش وضعا مزريا وصعبا، وذلك لعوامل كثيرة أبرزها أن الأخير يعيش وضعا صحيا ونفسيا غير مستقر وذلك لعوامل مرتبطة بتقدم السن، مما يؤدي لعدم التوازن في اتخاذ القرارات وإدارة المؤسسة بارتجالية ودون رؤية استراتيجية واضحة، وهو ما يجعله غير مؤهل حسب الكثير من المتتبعين للاستمرار في هذا المنصب.
وهكذا فإن المؤسسة تعيش على وقع حالة ضبابية وغير واضحة، فالغاية التي تأسست حولها وهي لغرض العناية بشؤون قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير الذين لم يتبقى منهم سوى النزر القليل، في ظل وفاة الغالبية العظمي منهم، ولم يعد على قيد الحياة سوى بضع مئات عبر تراب المغرب كله، وبالتالي لا يوجد هدف واضح لدواعي استمرارها من الأساس، في ظل وجود مؤسسات عديدة أخرى تؤدي المهام المنوطة بهذه المؤسسة (الصندوق المغربي للتقاعد، وزارة الثقافة، المعهد الملكي لتاريخ المغرب، مؤسسة أرشيف المغرب.. وغيرها). وهو ما يعني كذلك أن استمرارية هذه المؤسسة التي تكلف أموال وميزانية ضخمة بلا جدوى، هو أمر يجب إعادة النظر فيه، خاصة مع توالي الفضائح والاختلالات المالية والتدبيرية والتي كشف عن بعضها التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات.
هذا فقد تحولت المهمة الأساسية لإنشاء المؤسسة من خدمة أسرة المقاومة والتحرير، إلى مؤسسة للاحتفالات والقفز عل اختصاصات الكثير من المؤسسات الأخرى المتخصصة وهو القيام بأبحاث حول التاريخ والذاكرة والاحتفال بالذكريات التي تبقى من مسؤولية كل المؤسسات الوطنية وليست مرتبطة بمندوبية المقاومة فقط. وهذا ما يجعلها تؤدي أدوارا بعيدة عن اختصاصاتها وأهدافها التي انشأت لأجلها في خطوة يرى العديد أنها بغرض تمطيط عمل المؤسسة وعدم حلها أو إدماجها في مؤسسات أخرى كما تم إقتراحه في مرات عديدة. هذا دون إغفال أن العمل الرئيسي للمؤسسة في الوقت الحالي والخاص بما يسمى متاحف الذاكرة التاريخية، هو مشروع كلف الملايير من الدراهم في مرافق لا تتوفر فيها أدنى الشروط لتكون فضاءات لاستقبال الزيارات، حيث إن معظمها إما مغلق في ظل انعدام الزيارات وضعفها، أو أنها تعاني من نقص في التجهيزات واتساخ المرافق الدائم في ظل عدم توفر معظمها على خدمة النظافة، وعدم وجود ما يستحق الزيارة من الأساس، ذلك أن ما تحتويه من أدوات و “تحف” معظمها لا علاقة لها بالمقاومة بل تم شراؤها من الأسواق الشعبية أو تم التبرع بها من أشخاص لا علاقة لهم بالمقاومة ولا علاقة لتلك الأدوات بالمقاومين ولا بفترة المقاومة، أما ما يسمى بالأنشطة الثقافية من لقاءات وعروض وندوات، فهي حسب تعبير الكثير من داخل المندوبية السامية للمقاومة مثل أعمال السخرة في ظل الاستغلال البشع والتعسف والشطط الكبير الذي يمارس بسببها ضد الأطر حيث يفرض عليهم بشكل قسري القيام بهذه الاعمال خارج اختصاصهم حتى مع انعدام أدنى الإمكانات والوسائل للعمل وعدم تخصيص اي ميزانية لهذه الاحتفاليات التي يفرض على هذه الاطر تمويلها من جيبها الخاص في حين تقوم المندوبية السامية للمقاومين باستغلال هذا الوضع للنفخ في مؤشرات النجاعة لتبرير صرف الميزانية والتي لا يعرف أوجه صرفها الحقيقي.

وهكذا يتبين إذا أن ماكان يروج له كثيرا ويتحدث عنه المندوب السامي للمقاومة وما يسميه إنجازات المؤسسة (اللقاءات والأنشطة، الإصدارات والمنشورات، إنشاء متاحف الذاكرة الوطنية وغيرها…،) هي كلها منجزات مزعومة ولا علاقة لها أصلا بدور المؤسسة، فمشروع الاهتمام بالتاريخ الوطني والأرشيف فتوجد مؤسسات وطنية قائمة بذاتها كفل لها القانون القيام بالمهمة (المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، مؤسسة أرشيف المغرب…) ولم يكن قفز المندوبية السامية للمقاومة على هذه الاختصاصات ضروريا خاصة وأن ذلك يكلف خزينة الدولة ملايين الدراهم دون عائد يذكر.
ليبقى الغرض الأساسي الفعلي والواقعي لمندوبية المقاومة هو تغطية التنقلات واللقاءات التي يعقدها مصطفى الكثيري في مختلف المناطق والمدن، وهذه لوحدها تتطلب فتح تحقيق ومساءلة، وذلك بالنظر لحجم التعويضات من مصاريف الإيواء في الفنادق والمطاعم الباذخة، في جولات ولائميه تستغرق نصف أيّام السنة تقريبا، عدا الجولات خارج التراب الوطني، مما يحول لجيبه الخاص تعويضات سمينة لا تتأتى حتى لكبار المسؤولين في الدولة.

الاخبار العاجلة