الرئيسيةمجتمع

خطيئة الهجرة في قوارب الموت إلى أوروبا

فار بريس

لم يعد يمضي يوم دون أن نسمع عن توقيف مرشحين للهجرة السرية، أو غرقهم، أو مشاهدة تصريحاتهم بعد النجاة من الموت. فكيف بتنا نعيش حالا كهذا؟ ولماذا استمر هذا الحال منذ عقود طويلة، على الرغم من كوننا نعيش على وقْع واقع جديد؟ فرغم الطفرة النوعية التي عاشها المغرب، إلا أن نتائجها لم تنعكس إيجابا على هذه الفئات، ولاسيما الشباب. غير أن الكارثة التي صار يواجهها المجتمع المغربي، هي هجرة الأسر بشكل جماعي، وهذا يعني، لا قدر الله، انتحارا جماعيا، أو إبادة جماعية للنسل. والسؤال الذي يفرض نفسه في هذا السياق هو: لماذا؟

للجواب على هذا السؤال يجب تشريح الواقع، بحيث تعد البطالة وغياب العدالة الاجتماعية السببين الرئيسين، وينضاف إلى ذلك التوزيع غير العادل للثروات، وهو ما ينتج تفاوتا طبقيا فاحشا. فنظرا لعدم وجود فرص الشغل، يختار المواطن ركوب قوارب الموت أملا في خلق غد أفضل. كما أن المواطن المغربي يواجه مشاكل في ولوج القطاعات الاجتماعية وعلى رأسها المجال الصحي، الذي عرَّته جائحة كورونا بشكل رهيب، وبينت قلة الموارد البشرية من أطباء وممرضين، وغياب الإمكانات اللوجستية. أما المجال التعليمي فرغم كل المحاولات تبقى الخدمات المقدمة لا ترقى إلى مستوى تطلعات الشعب المغربي، سواء في القطاع العام أو الخاص. ناهيك عن الارتفاع الصاروخي الذي عرفته أسعار المواد الأساسية والمحروقات، والمواد الغذائية عموما من خضر ولحوم بمختلف أنواعها وكذا الحبوب. كما لا ننفي أن الصورة المتداولة للغرب تغري النخب والأدمغة، فما بالك بمن يعيش واقعا مترديا. وإلى جانب كل هذا يعتبر عدم التوزيع العادل للثروة نقطة مظلمة في البلد، حيث إن فئة قليلة تحتكر الثروة وتمسك بخيوطها، ليظل المواطن متخبطا في غيابات الفقر.

فأمام هذا الوضع، يقتنع المواطن المغربي، ويُقنع محيطه بفكرة الهجرة بحثا عن واقع أفضل، وعن حياة تراعَى فيها شروط الحياة الكريمة، هذا إن كُتبت له النجاة والوصول إلى الضفة الأخرى، وإلا ستكون هذه الأحلام والآمال طعاما لوحوش البحر. فمتى سيتوقف هذا النزيف؟

زر الذهاب إلى الأعلى