تستأنف غدًا الثلاثاء في مدينة جنيف، المفاوضات الحاسمة بشأن معاهدة دولية ملزمة لمكافحة التلوث البلاستيكي، وذلك بعد فشل الجولات السابقة من المحادثات التي عُقدت في ديسمبر من العام الماضي بكوريا الجنوبية. تأتي هذه اللقاءات في وقت حرج، حيث تعاني الكوكب من الأثر المدمر للنفايات البلاستيكية التي تمثل واحدة من أكبر التحديات البيئية التي تواجه البشرية. حسب تقديرات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، يتم التخلص من نحو 15 طنًا من البلاستيك في المحيطات كل دقيقة. يمثل البلاستيك 85% من إجمالي النفايات الملوثة في البيئات البحرية، مما يؤدي إلى آثار خطيرة على الحياة البحرية وصحة الإنسان. وبحسب الإحصائيات، يتم إفراغ حوالي 23 مليون طن من النفايات البلاستيكية في الأنظمة الإيكولوجية المائية سنويًا، ومن المتوقع ارتفاع هذا الرقم بنسبة تصل إلى 50% بحلول عام 2035 إذا لم يتم اتخاذ تدابير عاجلة. ستجمع هذه المفاوضات وفودًا تمثل نحو 180 دولة عضو في منظمة الأمم المتحدة، وستسعى إلى تحقيق توافق حول مجموعة من التدابير الواجب اتخاذها لمواجهة التلوث البلاستيكي. تشمل هذه التدابير تحديد دورة حياة المواد البلاستيكية، وأنماط استهلاكها، وطرائق التخلص منها، بالإضافة إلى مناقشة إمكانية وضع سقف للإنتاج البلاستيكي، وهو ما يُعتبر خطوة هامة نحو تقليص الكميات المنتجة من هذه المواد الضارة. هذه المبادرة تأتي تنفيذاً لقرار تم اعتماده في مارس 2022، والذي يدعو إلى إبرام اتفاق عالمي يهدف إلى مكافحة التلوث البلاستيكي، نظرًا لما يتركه من آثار سلبية على الصحة العامة والبيئة. في إطار التحضيرات للمفاوضات، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى إبرام “اتفاق طموح وذي مصداقية وعادل” يعكس احتياجات المجتمعات المحلية ويتماشى مع أهداف التنمية المستدامة. وأكد غوتيريش على ضرورة التصدي لتحديات التلوث البلاستيكي من خلال تبني سياسات فعالة ومتنوعة تشمل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. تعتبر هذه المفاوضات فرصة حاسمة لتنفيذ إجراءات شاملة تهدف إلى مواجهة المشاكل الناتجة عن التلوث البلاستيكي. من المهم أن تتكامل الجهود المحلية والدولية لضمان بيئة صحية ومستدامة للأجيال القادمة. إذا نجحت الوفود في التوصل إلى اتفاق شامل يراعي احتياجات كافة الأطراف المعنية، يمكن أن يسهل ذلك خلق قوانين ملزمة تضع حداً لإنتاج واستهلاك البلاستيك. إن نجاح المفاوضات في جنيف لن يتوقف فقط عند صياغة المعاهدة، بل سيتطلب أيضًا التزامًا حقيقيًا من الدول للعمل على تنفيذها. إن التحديات البيئية التي نواجهها اليوم تأتي على رأس أولويات القضايا العالمية، مما يجعل كل خطوة تُتخذ في هذا المجال لها تأثيرٌ بعيد المدى. العمل الجماعي والوعي المجتمعي بحاجة إلى أن يتعززان لتحقيق الأهداف المرجوة، ولن يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال تعاون فعّال بين الحكومات والمجتمعات.