فاربريس
بقلم : احمد عنج
القتل انواع متعدد ، لا ينحصر فقط في إزهاق الأرواح البشرية ، قتل الأمل في الأنفس ، وقتل الثقة في الحياة في المجتمع ، وقتل كل مقومات الديمقراطية .
ففي مجتمع يكثر فيه القتل ، وجب نفض اليد من كل طموح أو أمل فيه . مجتمع يسير نحو الخراب العام مهما تعددت المبادرات الإصلاحية والنوايا الحسنة ، فهي لا تكفي فالقتل يترصها في كل جانب .
فمجتمع يعيش تحت انوار الشعارات الرنانة ، الإدعاءات الزائفة ، و خلق تصورات براقة منعدمة الأثر لن تقوم له قائمة .لان القتل هي السمة التي تحكم كل قواعده ،و تتربص بمقوماته ،او يشكل ركن من أركان مقوماته .
المجتمع لا تعوزه القواعد الديمقراطية لكن يعوزه الحفاظ على حياتها وإستمرارية وجودها .
والفعالية القانونية لا تتوفق على جودة التشريعات ومدى قابليتها الإستجابة للضرفيات والواقع العام للمجتمع و إنسجامها مع البيئة الوسطية السياسية والإجتماعية والإقتصادية فقط ، وإنما في تنزيلها و ترسيخها كشرط و مكون للحياة المجتمعية و واقع حي ملموس .
فكل القوانين هي ككائن حي في حاجة دائمة لمستلزمات الوجود الفعلي والواقعي تحتضنها وتحصٌنها لإستمرار وإستكمال دورتها في الحياة .
القتل مادي أو معنوي كان يبقى هوالإشكاليات الكارثية التي تواجه الإصلاح والتنمية والديمقراطية .
وتجعل كل شعاراتنا المتعلقة بمختلف شؤون الحياة بكل انواعها نظرية أكثر مما هي واقعية، برامج وتخطيط وإستراتيجيات حية على الورق، و جثة في الواقع العملي و الفعلي.
الأيمان بالديمقراطية كحكم الشعب بالشعب تحت تفعيل قوة وسيطرة سلطة القانون ، شرط واجب وشرط وجوبها أن يكون الشعب نفسه متشبعا بأسس وقواعد الديمقراطية فلا يمكن أن نخلق كيانا ديمقراطي بأشخاص غير ديمقراطيين. الديمقراطية التزام أخلاقي وسلوك سياسي يستوعب المعنى الجدري والحقيقي لمفاهيمها لا تلفظها كشعار
وتشريع القوانين لإقرار الشرعية وصياغة الإطار القانوني والطابع الوظيفي للأجهزة الساهرة على المشروعية وبناء الوضع الصحيح واللازم لضمان مقومات مجتمع سليم و ، سوي و متساوي يقوم على المساواة الدستورية .
لا ينفعا وحدهما ، في ظل سيادة هيمنة غريزة القتل والفتك بكل هذه المبادئ .
وقد يحدث قتل المشروعية بسيف الشرعية .
ففي ظل تواجد قتلة لكل المبادئ الأخلاقية والديمقراطية لا يمكننا الحديث عن تنمية أو نهضة أو أي شيئ من هدا القبيل .
فالعديد ممن يرفعون شعار الديمقراطية علنا يناهضونها و يحاربونها ويقتلون كل أسسها سرا .
فالمجتمع به لوبيات عديدة غير مستعدة التخلي عن امتيازاتها المادية و المعنوية و ترفظ كل تغيير إيجابي لأن كل الفضل لها ، في إبقاء الوضع ماهو عليه. وهده اللوبيات الدونكشيوتية متغلغلة في كل الميادين في الإقتصاد ، السياسية.
والمجتمع وفي هياكل و دواليب الدولة ،وتتحكم في قطاعات مفصلية ،لوبيات مغلفة بثوب الحداثة والتحديث و في جوهرها أساليب التقليدانية طابعها الزبونية و المحسوبية والفكر القلبي. نخبتها لا تنعكس ثقافتها على سلوكها الإجتماعي وإنما كل همها إستثمار طاقاتها لخدمة مصالحها الخاصة .فهي تعيش خارج النسق الديمقراطي رغم حملها لشعار الديمقراطية .
فمهما إختلفت مشارب اللوبيات، توحدت مناهجها وكأنها تلعب فوق خشبة مسرح كبير ( المجتمع ) تتقاسم الأدوار، الشرير و الخير ، المتسلط والمناضل وتصب فصول المسرحية برمتها في القتل الممنهج في حين أنها تعطي إنطباعا و إعتقادا في اشياء حقيقية بينما هي وهمية
والقتل هنا تتشابه فيه كل اللوبيات دون إستثناء وأصبح السمة الطاغية واللغة المنطوقة برموز ديموقراطية وأساليب و أدوات إحتكارية
( حكومة أحزاب ، نقابات ، جمعيات ، شركات ) الكل يشكل كارتل سائد ومتسيد مكيافيلي (الغاية تبرر الوسيلة) غايته السعي نحو السلطة والتي لا تنحصر في الحكم فقط بل في مجالات متعددة كل مجال له دوره في القتل والقضاء على المنطوق العميق القوانين . وجعله هياكل فارغة يتم حشوها بما يخدم انانية مصالحهم الخاصة .
وختاما نهمس للجميع أن الحق ليس مطالبة ، وإنما بدل وعطاء ، الحق هو القيام بصيانة حقوق الآخرين ، وفك الترابط الحميمي الذي يجمع بين الفرد وقضاء أغراضه الخاصة على مطية المصلحة العامة ،وتدبير وتسيير الشأن العام ، بتجاوزا الشرط القانوني .