
أعلنت وزارة الأمن البوركينابية عن اعتقال أكثر من 350 شخصًا خلال شهر واحد فقط بتهم تتعلق بـ”المراقبة العدائية و”التجسس ذي الطابع الإرهابي”، في مؤشر على تصعيد حملة مكافحة الإرهاب في البلاد. هذا الإجراء، الذي أثار جدلًا محتملًا حول حقوق الإنسان، يُسلط الضوء على عمق الأزمة الأمنية التي تعصف ببوركينا فاسو ووفقًا لبيانٍ صادر عن وزير الأمن محمودو سانا، فقد تم اعتقال 358 شخصًا بين 4 سبتمبر و4 أكتوبر، بينهم 63 شخصًا في واغادوغو وحدها. ويُشير هذا العدد الكبير من الاعتقالات إلى حملة أمنية واسعة النطاق تستهدف شبكات يُشتبه في ارتباطها بتنظيمات إرهابية. وقد أبرز الوزير دور المواطنين في الإبلاغ عن أنشطة مشبوهة، حيث تلقت مراكز الاتصال 726 إبلاغًا خلال نفس الفترة لكن، وبالرغم من أهمية جهود مكافحة الإرهاب، يُثير هذا العدد الكبير من الاعتقالات تساؤلاتٍ حول احترام حقوق الإنسان واحتمالية وقوع اعتقالات تعسفية. ففي ظلّ حالة الطوارئ الأمنية، يُصبح من الضروري التأكد من أن جميع الإجراءات تتوافق مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، وأن يتم ضمان المحاكمة العادلة للمعتقلين وتعاني بوركينا فاسو من أزمة أمنية حادة منذ عام 2015، حيث خلّفت هجمات الجماعات الإرهابية أكثر من 26 ألف قتيل بين مدنيين وعسكريين، وفقًا لمنظمة “Acled”. وتُمثل هذه الاعتقالات جزءًا من استراتيجية الحكومة لمواجهة هذا التحدي الأمني الخطير، لكنها تُبرز أيضًا الحاجة إلى مقاربة متوازنة تجمع بين الحزم الأمني واحترام حقوق الإنسان، وذلك لضمان عدم تفاقم الوضع الإنساني وتجنب انتهاكات حقوق الإنسان.يبقى السؤال المطروح: هل ستُسهم هذه الحملة الأمنية المُكثفة في تحقيق الاستقرار الأمني المُرتجى في بوركينا فاسو، أم أنها قد تُؤدي إلى نتائج عكسية؟ فالمعركة ضد الإرهاب تتطلب، إلى جانب الجهود الأمنية، معالجة الأسباب الجذرية للعنف، والتي تتضمن الفقر، والتهميش، والحكم السيئ.