فن وثقافة

باكورة شعرية بلغة موليير من الأطلس المتوسط مع الشاعرة فاطمة أتوليد

فار بريس



بعيدا عن صخب المدن الكبرى و طواحينها اليومية وتمظهراتها القاهرة،ترقد إيموزار كندر المدينة الأمازيغية الجبلية الصغيرة ،عروس الأطلس المتوسط بعنفوانها وجمالها الخلاب وبساطة وكرم وجود أهلها الذين يتميزون في معظمهم بقيم الثقة والوفاء والقناعة وصفاء السريرة وحب الخير للجميع
بين أحضان هذه الجوهرة النفيسة، تلكم البلدة الهادئة الحالمة التقيت صدفة دون سابق موعد مع كاتبة في عمر ما بعد الستين، لكنها تبدو  للكل وكأنها في رعيان شبابها لتمسكها حد الجنون بروح المغامرة والتحدي، كثيرة الأسفار هي خارج وداخل الوطن وتمارس رياضة فنون الحرب (الكيم لونج) وتفضل السير في الغالب بملابس الرياضيين لإيمانها المطلق بأن الإحالة على المعاش ليست بالضرورة ولن تكون أبدا لمن شاء إحالة على الموت السريري وفقدان حلاوة العيش
إنها الأستاذة فاطمة أتوليد شقيقة الطبيب الفاضل الدكتور حميد أتوليد الذي درس بالاتحاد السوفييتي سابقا وفتح عيادته في الطب العام بمسقط رأسه،مدينة إيموزار كندر.إنها  شاعرة وكاتبة بلغة موليير وفاعلة جمعوية،من مواليد إيموزار كندر الساحرة، بوابة الأطلس المتوسط. تابعت دراستها في العاصمة الروحية والعلمية فاس و انتقلت بعدها إلى العاصمة الرباط ،اشتغلت بمهنة التدريس وعاشت بين جدرانها  إلى أن أحيلت على المعاش ثم عادت إلى مسقط رأسها ببلدتها الأصلية للعيش بين أحضان الطبيعة بعيدا عن ضوضاء وصخب المدن الكبرى، وهو ما مكنها من إصدار أولى إنتاجاتها الأدبية والشعرية بلغة موليير (سفر إلى ما وراء قلبي) عن دار النشر شمس بسلا في عام 2020 ويتكون من 51 قطعة شعرية باعتبار أن الشعر- تقول فاطمة –  بلسم يشفي النفوس ويروي عطشها ويسحبها في قارب على محيط من الأحلام ،وبحق فإن هذه المجموعة  الشعرية هي كفراشة ترفرف على الورود والأزهار التي بالكاد تنمو و تزدهر

Voyage Au Delà De Mon Cœur


سفر إلى ما وراء قلبي” هي يوميات شعرية بلغة موليير، تحكي في بعض صفحاتها عن محطات وتجارب مفيدة وقفت عندها بأرض مصر و بالمغرب وفرنسا بأسلوب جميل وبسيط وجالب لأنظار القراء،قال عنها الدكتور إسماعيل علالي في ورقة نقدية تحت عنوان “من مظاهر التكوثر الجمالي-المرجع في ديوان سفر إلى ماوراء قلبي”:” تسعى هذه القراءة المقتضبة إلى تفكيك الخطاب الشعري عند الشاعرة فاطمة أتوليد بغرض استجلاء التكوثرات الجمالية الظاهرة والمضمرة في باكورتها الشعرية الموسومة ب”سفر إلى ماوراء قلبي” الصادر عن منشورات شمس بسلا سنة 2020 والموزعة قصائده على 110 صفحة من الحجم المتوسط في طبعة جميلة جمال الأقاويل الشعرية المبثوثة في ثنايا الديوان”Soulagement
وقد أصدرت أيضا  يوميات نثرية في كتاب تحت عنوان: “ارتياح”،سنة 2021 وهو عبارة عن تكملة للديوان الأول، لكن بصيغة نثرية، وتحضر الآن لإصدار رباعيات باللغات الفرنسية والعربية والأمازيغية والإنجليزية تضم لوحات منتدى الفنون التشكيلية بمشاركة الدكتور إسماعيلعلالي والأساتذة عبد الله المناني ووفاء مدون، وهي قيد الإنجاز
l’enfant de l’ATLAS
ولأنها مقيدة بشغف الكتابة والمغامرة، فستصدر سيرة ذاتية تحت عنوان: “طفل الأطلس  وهو مشروع نثري قيد الإنجاز أيضا
وهي تتقدم بالشكر والتقدير هنا في كل محطاتها الثقافية بوجه خاص للأستاذ لحسن احجواني الناقد السينمائي الذي كان له الفضل الكبير  عليها في مسيرتها الإبداعية وقدم لها الكثير من المساعدة وعرفها على عدد من الأساتذة المقتدرين
لقد صالت وجالت فاطمة أتوليد بعد تقاعدها من سلك التعليم بين دول أوروبا الشرقية والغربية منها وذلك قبل انتشار الوباء اللعين، وكانت تزور أرض الكنانة، مصر في كل سنة بل إنه وفرت لها هناك فرصة تدريس اللغة الفرنسية والأدب الفرنسي بإلحاح مستميت إلى اليوم من المدير العام لمؤسسة تعليمية تابعة للكنيسة الكاثوليكية الفرنسية بالقاهرة بعد تفوقها المبهر في اختبار القبول،وكان قد اتفق معها على منحها راتبا شهريا بمبلغ ألف أورو مع مجانية السكن والإقامة، لكنها فضلت البقاء مع كل ذلك ببلدتها الأصلية وخدمة مواطني بلدها باعتبار أنها رئيسة جمعية نساء من أجل التنمية وعضوة بعدة جمعيات محلية وجهوية منها منتدى مغرب المستقبل الذي يتولى مهمة التحدث عنه رسميا الدكتور مصطفى المريزق.وفي مسارها الشعري والثقافي بشكل عام، حظيت الكاتبة أتوليد بعدة شهادات شكر وتقدير خاصة من المهرجان الدولي للشعر والفنون سنة 2020 برعاية المجلس الدولي للإبداع ومن المتظمة الدولية للثقافة والتنمية وحوار الحضارات، كما ألقت الضوء على أشعارها وأنشطتها الثقافية والجمعوية عدة منابر إعلامية بداخل وخارج الوطن منها على سبيل الذكر،جريدة “الجديد” الجزائرية وجريدة “الأسترالية العراقية”وجريدة “المدائن” (لندن) ومنبر “كاب 24” (الرباط) وجريدة “على الرف” التي تصدر عن مدارات للثقافة والفنون وأسبوعية “الزمان” بمصر و”أوجوردوي لوماروك” و”المغربي اليوم”وموقع “حرة بريس” الصادر عن المركز الأوروبي للإعلام الحر بلندن
ومما تؤكد عليه هنا الشاعرة فاطمة أتوليد في نصيحتها الموجهة لكل الأعمار أن ” الخوف واليأس والحزن والكراهية لا تقوم كلها إلا بتسميم العقول والأرواح وتستخدم قوة الإنسان لتجرنا نحو مسارات التيه الشائكة”عود على بدء
وعن طريق الصدفة أيضا،التقيت بأستاذ طيب ابن إيموزار كندر ( الحسن رضوان ) الذي كان مدرسا للغة العربية وأحيل على المعاش، لكن في نفسه شيء من جهة التدوين والكتابة ، فلا يهدأ له بال حتى يعبر عما يخالج صدره إزاء  الأحداث الجارية والمواقف الإنسانية من خلال حسابه على الفايسبوك ،وهو العاشق للقلم رغم سنه المتقدمة مد الله فيها.يقول في إحدى تدويناته عن مغربية الصحراء
الصحراء مغربية شاء من شاء 
مهما اشتد الصراع بين المغرب (بلدنا الحبيب)الذي يسعى جاهدا لإثبات مغربية صحرائه و سيادته عليها و الجارة الجزائر، التي تصر بشكل جنوني يفوق طمعها التوسعي على حساب جيرانها (تونس وموريطانيا) و على الخصوص المغرب الحبيب بخلق و تثبيت دويلة مزعومة تتخذها امتدادا لها الى المحيط الأطلسي، لحاجة في نفس يعقوب بنواياها التوسعية المشؤومة و المجهضة حتما والتي أدت إلى تأزم حكامها و تضايقهم من شدة الحنق أثناء استماتتهم الفاشلة في إقناع كل من اعترف بمغربية الصحراء بقوة القانون وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية
إعلمي، أيتها الجارة المغرورة، أن المغرب سينتصر و هو المنتصر بحججه و التاريخ شاهد على ذلك و بإيمانه القوي و الخسارة لاعدائه بسبب ادعاءاتهم الوهمية المشكوك فيها التي صارت تتسلل إلى نفوس حكامها يوما بعد يوم و حول الشخصية المدللة الوهمية ،الدمية وجوهرها ابراهيم غالي و مظهرها الخارجي محمد بن بطوش (الزعيم المغرر به و ألعوبة بأيدي الجنرالات)
وليعلم الجميع أننا-نحن المغاربة- من طنجة الى الكويرة على مقاعدنا في المدرجات نتابع و نشاهد،و الحكام الجزائريون على خشبة المسرح يطبلون و يعزفون و ابراهيم غالي يرقص و المشهد يوثق لجوهر الوجود المغربي على صحرائه وهو ما يشكل المعنى الحقيقي و التعريف في الوقت نفسه بتاريخ مغربنا القوي المضيء ولنا الشرف بالانتماء إليه
خواطر عن الكتابة والقلم
القلم سفير العقل، ورسوله الأنبل، ولسانه الأحول، وترجمانه الأفضل
القلم يجرح غالباً أكثر من السيف
أحب الكتابة عندما أكون حقوداً، فهذا يشبه العطسة الجيدة
إن الحرف المخطط ليس كلياً حرفاً، إنه بالأحرى شيء يتموضع بين الكتابة والموسيقى
عندما تمتلك الإنسان حكة الكتابة، لا يشفيه منها سوى كشطها بالقلم
لا تقود الكتابة إلا إلى المزيد من الكتابة
الكتابة نقص المناعة المكتسبة للروح، كما هو الايدز نقص المناعة المكتسبة للجسم

عبدالفتاح المنطري كاتب صحافي  

زر الذهاب إلى الأعلى