الأوروبيون و مهمة صوفيا البحرية
يسعى الأوروبيون الاثنين إلى إقناع إيطاليا باستئناف مهمة صوفيا البحرية الهادفة إلى مراقبة الحظر المفروض على إرسال الأسلحة إلى ليبيا، ومناقشة مساهمتهم في تنفيذ الاتفاق الدولي الذي تم التوصل إليه الأحد خلال قمة في برلين. وقال وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الاثنين “لم يتم قبول شيء” من جانب المقاتلين، وذلك قبل بدء اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد في
بروكسل، مخصص لمناقشة المرحلة اللاحقة للاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال قمة برلين حول إحلال السلام في لي ورفض رئيس حكومة الوفاق الوطني التي تعترف بها الأمم المتحدة فائز السراج وخصمه النافذ في شرق ليبيا خليفة حفتر، اللقاء خلال هذا المؤتمر الذي عقد برعاية الأمم المتحدة. لكن الدول الداعمة لكل منهما التزمت في برلين بالتوقف عن تقديم المساعدة لهما، وباحترام حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، بهدف إجبار الطرفين على التفاوض، كما أوضح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس. وأضاف أن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان “سلامة دعاهما إلى الاجتماع هذا الأسبوع بهدف تحويل الهدنة إلى سلام حقيقي”.
ويمكن للأوروبيين خلال اجتماعهم الاثنين أن يتخذوا أول قرار ملموس بهذا الصدد، وهو استئناف العمل بمهمة صوفيا التي أطلقت عام 2015 بهدف مكافحة تهريب المهاجرين ومراقبة الحظر المفروض من الأمم المتحدة على إرسال أسلحة إلى ليبيا. وعلقت هذه المهمة منذ عام 2019 بسبب رفض إيطاليا إنزال مهاجرين أنقذوا في البحر عبر سفن عسكرية على أراضيها. وأكد بوريل “أعتقد أنه يجب إنعاش تلك المهمة. سوف نتحدث عن ذلك”. وقال وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسلبورن من جهته إنه “تم التخلي عن صوفيا بسبب سالفيني (وزير الداخلية الإيطالي السابق). لكن سالفيني لم يعد مسؤولاً الآن”. ومددت مدة عمل المهمة البحرية صوفيا حت31
آذار/مارس 2020، وهي معنية الآن بمهام رقابة جوية. واعتبر ممثل إحدى الدول الأعضاء إنه “يتعين معرفة موقف إيطاليا”.
ولم يدل وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو لدى وصوله إلى الاجتماع بأي تصريح. لكنه أكد في منشور على موقع فيسبوك أن “إيطاليا تطلب احترام الحظر على الأسلحة، وهي مع فرض عقوبات على من ينتهكونه، وجاهزة للعب دور على مستوى متقدم في متابعة عملية السلام في ليبيا”. وقال بوريل إن “على الوزراء أن يتخذوا قرارات” سيقوم هو بالإعلان عنها بعد انتهاء الاجتماع. من جهتها، ناشدت الحكومة الألمانية أطراف النزاع في ليبيا مواصلة الطريق نحو عملية سياسية عقب مؤتمر برلين. وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت، اليوم الاثنين في برلين إن إحراز المزيد من التقدم يتوقف حاليا على وجه الخصوص على أطراف النزاع في ليبيا، مضيفا أن أطراف النزاع مطالبة أولا بمرحلة انتقالية من وقف إطلاق النار والهدنة. وذكر زايبرت أن الهدف من المؤتمر كان يتمثل في دعم مساعي المبعوث الأمم الخاص بشأن ليبيا غسان سلامة والمضي بها قدما، مضيفا أن المهم الآن الاستمرار في هذه المساعي. ومن جانبه، أكد متحدث باسم الخارجية الألمانية أن ألمانيا وكذلك الاتحاد الأوروبي يعتزمان مواصلة اهتمامهما بهذه القضية. ومن المقرر البدء في خطوات لاحقة على مستوى وزراء الخارجية في شباط/فبراير المقبل.
وذكر المتحدث أنه يتعين الآن عدم القيام بالخطوة الثالثة قبل الأولى، موضحا أنه عندما يتم الوصول أولا إلى هدنة مستقرة، يمكن بعد ذلك التفكير في كيفية تأمينها، مضيفا أنه إذا لم يتم تحقيق الأمر الأول، فلا ينبغي إذن التحدث عن مهمة للجيش الألماني في ليبيا. وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الألمانية إنه إذا طُرحت هذه المسألة، سيكون بمقدور وزارته الرد عليها. وفي سياق متصل، أكد زايبرت ضرورة الحيلولة دون وقوع انتهاكات في المستقبل لحظر توريد الأسلحة لليبيا القائم بالفعل، مضيفا أن الدول المشاركة في المؤتمر تعهدت بعدم السماح بحصول أطراف النزاع على دعم عسكري، طالما أن وقف إطلاق النار مستمر. وعلى نحو غير مباشر، ناشد زايبرت الأوروبيين التحدث بصوت واحد في الطريق نحو حل سياسي للنزاع، موضحا أن هذا شرط لإحراز تقدم. وقال المتحدث باسم الخارجية الألمانية إن كلمة الأوروبيين كانت موحدة خلال مؤتمر ليبيا أمس.
ومن المشكلات الرئيسية في الطريق نحو حل سلمي للنزاع، الوصول إلى أبار النفط في ليبيا. وأكد متحدث باسم الخارجية الألمانية ضرورة التطرق إلى هذه المشكلة في الوقت المناسب، مشيرا إلى أنه يتعين حاليا معالجة انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم أخرى. وذكرت وزارة التنمية الألمانية أن ألمانيا قدمت مساعدات لليبيا منذ عام2015 بقيمة 77 مليون يورو، لتصبح بذلك أكبر دولة مانحة لها، موضحة أن هذه المساعدات تذهب لصالح إنشاء مؤسسات لرعاية الأطفال أو مؤسسات صحية. من جهتها، أعربت الأمم المتحدة، الإثنين، عن قلقها إزاء إغلاق قوات اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، منشآت إنتاج النفط الرئيسية شرقي ليبيا. وتنازع تلك القوات حكومة الوفاق الوطني الليبية، المعترف بها دوليًا، على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط. ومعلقًا على إغلاق قوات حفتر لمنشآت إنتاج النفط، قال المتحدث باسم الأمين للأمم المتحدة، استيفان دوغريك، إن “هذه التطورات هي مصدر قلق بالنسبة لنا”. وشدد دوغريك، خلال مؤتمر صحفي، على أن “موارد ليبيا يجب أن يستفيد منها كل أبناء الشعب الليبي”.
وأضاف أن الأمين العام، أنطونيو غوتيريش، يعتزم أن يقدم، الثلاثاء أو الأربعاء، إفادة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن نتائج مؤتمر برلين الدولي حول ليبيا، الأحد. وشاركت في المؤتمر 12 دولة و4 منظمات إقليمية ودولية، إضافة إلى حفتر، ورئيس المجلس الرئاسي للحكومة الليبية، فائز السراج، بهدف البحث عن حل سياسي للنزاع الليبي. ودعا المؤتمر، وفق بيانه الختامي، الأطراف الليبية وداعميهم إلى إنهاء الأنشطة العسكرية، والعودة إلى المسار السياسي لحل النزاع، والالتزام بقرار الأمم المتحدة الخاص بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا (رقم 1970 لعام 2011). وحث كافة الأطراف على الالتزام بوقف إطلاق النار، ودعا الأمم المتحدة إلى تشكيل لجان فنية لتطبيقه ومراقبة تنفيذه، إضافة إلى ضرورة إيجاد توزيع عادل وشفاف لعائدات النفط. وغداة مؤتمر برلين، قال عبد الملك المدني، متحدث باسم عملية “بركان الغضب” العسكرية (تابعة للحكومة)، للأناضول الإثنين، إن “ميليشيات حفتر نفذت قصفًا عشوائيًا بالقذائف الصاروخية والهاون على مناطق صلاح الدين والرملة وعين زارة، جنوبي العاصمة”. ويمثل ذلك القصف أحدث خرق من قوات حفتر لوقف هش لإطلاق النار متواصل منذ 12 يناير/ كانون ثانٍ الماضي، بمبادرة تركية روسية. وتشن قوات حفتر، منذ 4 أبريل/ نيسان الماضي، هجومًا للسيطرة على طرابلس (غرب)، مقر الحكومة المعترف بها دوليًا؛ ما أجهض آنذاك جهودًا كانت تبذلها الأمم المتحدة لعقد مؤتمر حوار بين الليبيين.
المصدر: الرأي اليوم – (أ ف ب) – د ب أ – الاناضول